الدكتور رائد المصري: خطاب الرئيس لزوم ما لا يَلزم

مشاركة


لبنان اليوم

بهدوء…فدعونا من تَفاهة هذه السُّلطة الحاكمة في لبنان وقوى أحزابها وميليشياتها المذهبية، حيث لا حِيْلة لها ولا قدرة حتى في إعادة بناء وإنتاج منظومتها التحاصصية في النهب المنظَّم، ولا أحد منهم يريد أن يعترف أنَّ نظامه الفئوي الذي إرتكز عليه في سرقة أموال الناس وخزائن الدولة قد إنتهى، وأنهم يلعبون في الوقت الضائع، فالتسوية في مكان آخر لم تنضج بعد، وكل هؤلاء الصِّبية الحاكمين مجرَّد أدوات لأدوار إقليمية ودولية للعَبَث في الداخل اللُّبناني، لِقاء مكرُمات يُرتِّب أولوياتها الخارج، ولم يتَّعِظوا بعد من العصا التي هزَّت أمْن مملكة الأردن، في إنتظار حبْلٍ جديد سيلتفُّ حول أعناق هذه القوى الظلامية، التي حَكَمَت وتحكَّمَت وتسلَّطَت ومارَسَت لصوصيتها في أبشع مشهد درامي بحقِّ الشَّعب اللُّبناني…وإليكم التفاصيل:
-إستشعر رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه الحاكم في القصر بجدِّية التهديدات الغربية والفرنسية حيال سيف العقوبات، الذي صار مسلَّطاً على رقابهم، في إشارة خارجية واضحة تدلُّ على أنَّهم المعرقلين لتشكيل الحكومة، فكان خطاب الرئيس_لإستدرار العطف والشعبوية التي فقدها مبكراً مع العزلة الداخلية والدولية المقفلة عليه_ المتعلِّق بالتدقيق الجنائي لتبرئة ساحته ومن حوله، رابطاً وغامزاً(وهنا مكْمَن الخطورة)، بأنَّ مسيرة هذا التدقيق مرتبطة بتشكيل الحكومة، أي إضافة عقد جديدة على مسار التشكيل، وهذا ليس من إبتكار سيِّد القصر ومستشاريه، بل من عنديات حز/ب الله لإستكمال عملية حرق التيار البرتقالي الذي تَعِبَ منه ومن تقلُّباته ورهاناته.
فمن الذي مدَّد لحاكم مصرف لبنان؟أليس رئيس الجمهورية وفريقه الفئوي..؟
وعلى خط محاسبة المتورِّطين في عملية التدقيق الجنائي، حيث القضاء وتحريره هو الكفيل بمحاسبة الفاسدين المتورِّطين في رهانات أموال الناس وتهريبها الى الخارج..فمن الذي عطَّل الى اليوم التشكيلات القضائية..؟أليس رئيس الجمهورية وفريقه السياسي؟
رغم إكتمال عناصر التُّهم وتورُّط حاكم مصرف لبنان بحسب التقارير والتحقيقات في فرنسا وسويسرا، لماذا لم يُقْدِموا على إقالته ومحساسبته..؟علماً أنَّه(أي سلامة) يتمتَّع بحماية الحريري وبري في شراكة واضحة تكافلاً وتضامناً…
-فوشاية وزير الخارجية المصري سامح شكري الذي أنْهى زيارته لبنان لغبطة البطريرك الراعي عمَّا دار بينه وبين الرئيس عون وإنزعاجه من اللِّقاء في بعبدا، أعطى مؤشِّرات للمزاج الخارجي العربي والدولي، بأنَّ هناك تطويق واضح للتيار الوطني الحر ورئيسه، ولحز/ب الله ومساره، الذي بدأ يجْنَح لإقامة محميات مذهبية في مناطق جغرافية تخصُّ بيئته، بدأها في مؤسَّساته الصحية والتربوية والجامعية ليستمكلها بـ”غيتو” غذائي كونه يعرف أنَّ مدى وزمن أزمة إنهيار لبنان ستطول، ولا بدَّ من إحتواء ناسه وتخديرهم لتمرير وتقطيع مرحلة التفاوض الإقليمية ودوره المستقبلي في لبنان والمنطقة، ولِيجوع من يجوع ولِيمت من يَمُت في سبيل القضية الأكبر التي باتت معلَّقة على علبة زيت أو كيس عدس مدعوم.. ويهاجمون الناس المطالبة بالفيدرالية والتقسيم، وهم مارسوها بالفعل لا بالكلام…
-الحرب البحرية القائمة بين إيران وإسرائيل على طريقة الشَّتم اللبنانية من بعيد ومن دون المساس بالخطوط الحمراء، وضمن التفاهم غير المعلن على دور كل من طهران وتل أبيب في المنطقة وعلى حساب العرب وشعوب الشرق الأوسط، يجعل المِلفات تتعقَّد أكثر،خصوصاً أن مسار التفاوض النووي في فيينا سيطول ويتضمَّن ترتيبات إعادة بناء وترتيب إقليمي يُرضي بالضرورة السعودية (المعطِّلة للحلِّ في لبنان_ولأي حلٍّ في سوريا) بسبب الحضور الإيراني، ويحفظ أمريكياً أمن إسرائيل وهيمنتها في الشرق الأوسط، ولذلك سارع أنتوني بلينكن لزيارة تل أبيب بعدما تعرَّضت السفينة الإيرانية سافير في البحر الأحمر للتدمير، في إشارة واضحة لرغبة نتنياهو_ المتأزم داخلياً_ بضرورة إنهيار مفاوضات فيينا وبعثرة الأوراق عندما إستشعر التقدم الطفيف في إستكمالها.
-لا حل في لبنان أو سوريا أو اليمن كأوراق مساومة متقدمة بيد طهران، إلاَّ بالقبول والموافقة السعودية والإعتراف بدورها، وهذا يتطلَّب زيادة أو إضافة على مِلف تفاوض فيينا ليس القدرة الصاروخية البالستية التي يمكن تجاوزها، بل محاولة التخفيف أو تقليم المِخْلب الإيراني وحضوره الذي باتَ ثقيلاً في المنطقة(بغض النظر عن مِلف التطبيع مع إسرائيل)، وهذا لن يكون قريباً قبل إنتهاء الإنتخابات الرئاسية الإيرانية ومحاولة واشنطن تقديم القليل من الفتات على مائدة التفاوض، خشية من وصول المحافظين الأصوليين في طهران وتعود الى المربع الأول الذي يرغب بايدن في إقفاله كمِلفٍّ عالق يوازن فيه بين رغبة الولايات المتحدة التحضير لتسكير ملف إيران من أجل مواجهة الصين وروسيا والضغط الداخلي المترافق مع الضغط الإسرائيلي على الإدارة الأميركية الجديدة… لننتظر ونترقب إذا ما بقي لبنان وشعبه حياَّ وعلى قيد الحياة الى ذلك اليوم الموعود….

* أستاذ محاضر في العلوم السياسية والعلاقات الدولية
مدير مركز الراصد الإخباري العربي والدولي

**ملاحظة: المعلومات والآراء الواردة بهذا المقال هي آراء المؤلفين ولا تعكس بالضرورة رأي وموقف ناشري موقع "إليسار نيوز"

 







مقالات ذات صلة