الصنارة

نعم... لبنان ليس بخير!
سوزان أبو سعيد ضو
يمكن اعتبار الوسم (هاشتاغ) الذي انتشر على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" #لبنان_ليس-بخير، توصيفا مخففا لما يحصل في هذا البلد الصغير الذي يستمر في تلقي المزيد والمزيد من الكوارث، لدرجة أن نقترح أن يتحول الوسم من #لبنان_ليس_بخير إلى #إلى_متى_سيصمد_لبنان؟
فالأزمات في لبنان، ليست آنية فحسب، بل مستمرة، ومن موقعنا "إليسار نيوز" العلمي والبيئي، آلينا على أنفسنا أن نحمل الرسالة الأصعب ولكنها الأكثر وقعا واستدامة، وهي البيئة، وعلى الرغم من الصعوبات، مستمرون، لنرفع الصوت أمام التجني والإعتداءات التي تطاول الوطن.
والبيئة ليست بمعزل عن السياسة والإقتصاد والمجتمع وكافة مناحي الحياة، بل تحولت إلى الركن الأهم والدعامة الأكثر عرضة للتجني في بلد، استنزفت مقدراته على مذبح الفساد والمماطلة والتسويف والإهمال المؤسسي والحكومي.
وفي هذا المجال، وأمام كارثة المرفأ والتسرب النفطي والنفايات والإسمنت والتعديات على البيئة وكائناتها، نجد أنفسنا نسأل أين وزارة البيئة، ما هو عملها بالضبط وما الجدوى لوجودها ولاستمرارها بكافة أقسامها وموظفيها، في ظل عدم اتخاذ أي رد فعل من أي مسؤول فيها أمام الكوارث الآنية والمستمرة، خصوصا كارثة التسرب النفطي، وكأنها في موت سريري، رغم ذلك يستمر القيمون عليها في وظائفهم المكتبية ويتقاضون رواتبهم، التي وصلوا إليها ربما بمحسوبيات، وإن كنا لا نريد ظلم الجميع، فوفقا للبيروقراطية الإدارية، من غير المسموح أن يدلي أي موظف بكلمة عامة إلا بموافقة الوزير، ولكن بالمقابل هذه الوزارة بالذات تحتاج إلى أشخاص يدفعهم حبهم للبنان إلى الإندفاع في الدفاع عنه ضد ما ألم به.
لم نجد في كارثة التسرب النفطي، أي رد فعل لوزارة البيئة، ولا حتى استهجانا، ولا حتى تعبيرا لفظيا أو كتابيا، ولا للوزير دميانوس قطار، الذي برأينا هذه هي الوظيفة السياسية الأخيرة التي سيتبوأها بعد أن أظهر هذه اللامبالاة، مع اكتساح ملايين الأطنان من النفط المياه والشواطئ اللبنانية، مهددة كافة النظم الإيكولوجية التي من المفترض أن تكون الوزارة التي هو رئيسها المتوّج، أن تقوم بعملها في هذا المجال، عملها المفروض أن تقوم به.
بالمقابل، لا يمكننا إلا أن نلفت نظر أصحاب السعادة جميعا في مراكزهم المرموقة، إلى مواطنين تحدوا الكورونا والمسافات، بعد أن وجدوا مسؤولين عاقين يتفرجون، وربما لا ينظرون ولا يرون، أو لا يريدون أن يشاهدوا، ما حل بهذا البلد، حيث جمع المواطنون بعضهم في مجموعات، وبدأوا العمل والتنظيم مباشرة إثر اكتشاف التلوث النفطي، نعم مواطنون حقيقيون، لوثوا أيديهم وملابسهم بالنفط، وفي يوم واحد جمعت إحدى المجموعات نصف طن من هذا السائل الملوّث، ويستمرون في العمل، ورغم الإمكانات المتواضعة، لمحاولة تخليص بلادهم من أكبر كمية ممكنة، لأنهم لا زالوا يؤمنون بهذا البلد وإمكانية تخليصه، وربما في النهاية يتمكنون من تخليصه من الملوّث الأكبر، وهو هذا الفساد المستشري، حيث يجلس وزير في وزارته المناطة بهذه المسؤولية، ولا يحرك ساكنا أمام كارثة بهذا الحجم، وبدلا من أن يكون لبنان ليس بخير، يعود إلى قبلة الشرق والغرب، بسكانه وهوائه ومياهه وبيئته!