بحث واعد من تونس... سم الأفاعي والعقارب لعلاج مرض باركنسون!
سوزان أبو سعيد ضو
يعتبر مرض باركنسون Parkinson Disease من الأمراض التنكسية Degenerative Diseases وهي أمراض تتراجع فيها وظيفة أو بنية الأنسجة أو الأعضاء المصابة، وتسير نحو الأسوأ مع مرور الوقت، ومن الأمثلة عليها هشاشة العظام والتهاب المفاصل العظمي ومرض ألزهايمر أيضا، ويقدر عدد المصابين به 10 ملايين حول العالم، وفي فرنسا يعد ثاني مرض تنكسي بعد مرض الزهايمر، إلا أن دراسة بحثية في تونس، بالإعتماد على سموم الأفاعي والعقارب، قد تساهم في علاج وشفاء مرضى باركنسون.
والعلاجات المستعملة حاليا، وحتى وإن سمحت العلاجات بإيقاف بعض التأثيرات الحركية للمرض، فإنها لا تمنع تطور التنكس العصبي، وفي هذا المجال، فإن مشروع قدمته الدكتورة إيناس البيني ذويب من معهد باستور بتونس وبالتعاون مع البروفيسور هلال لاشويل، من كلية الفنون التطبيقية الفيدرالية في لوزانthe Federal Polytechnic of Lausanne (EPFL)، يهدف إلى إيجاد علاج لمرض باركنسون من سموم الحيوانات.
وتوضح ذويب المبدأ لعلاج هذا المرض التنكسي "في الواقع، أظهرت الدراسات السابقة أن المركبات النشطة بيولوجيًا المستخلصة من سموم الحيوانات تستهدف جزيئات معينة لها علاقة بالمرض، إما عن طريق الارتباط بها أو عن طريق تثبيط أنشطتها".
ويهتم معهد باستير بتونس منذ عام 1987 بمركبات سموم الأفاعي والعقارب. اختيار "جغرافي" يمكن تفسيره بوجود هذه الأنواع من الكائنات الحية على التراب التونسي، حتى أن المعهد يحتوي على حوض لهذه الحيوانات لاستخراج سمومها وتقديم الأمصال.
ويشير موقع Inserm (La science pour la santé) إلى أن طمرض باركنسون هو مرض تنكس عصبي يتميز بتدمير مجموعة معينة من الخلايا العصبية، عصبونات الدوبامين dopamine neurons، وتساعد العلاجات الحالية في السيطرة على الأعراض الحركية المرتبطة بالمرض، لكنها لا تؤثر على العصبونات الأخرى لجهة الأعراض وعلى تطور التنكس".
ويلعب البروتين ألفا سينوكلين alpha-synuclein دورًا أساسيًا في المرض، يتواجد هذا البروتين بشكل طبيعي لدى الأصحاء، عندما يصبح "مرضيا" يتجمع معًا في مجموعات سامة. حيث تهاجم هذه المجموعات خلايا الدوبامين، ووفقا لموقع France Parkinson "أشارت الدراسات الحديثة إلى أن الأشكال السامة من ألفا سينوكلين قد تنتشر من خلية إلى أخرى وبالتالي تساهم في عملية موت الخلايا التدريجي التي تميز مرض باركنسون، والحد من أو منع انتقال الأشكال السامة من ألفا سينوكلين يمكن أن يساعد في وقف العملية التنكسية وإبطاء تقدم المرض"، أما كيفية القيام بذلك فعلى أمل أن تكشف الأبحاث ذلك في المستقبل
أمع عن النهج الذي اقترحه الفريقان، فسيسمح باستكشاف الإمكانات العلاجية لبعض المركبات النشطة، المستخرجة من سموم الأفاعي والعقارب لعلاج مرض باركنسون. لأن السم يتكون من جزيئات سامة تؤدي بشكل خاص إلى شلل الضحية ولكن أيضا من جزيئات غير سامة. هذا الجزء الأخير الذي ينوي الباحثون عزله، إنها أيضًا مسألة البحث عن آلية عمل متعمقة حول الشكل السام للبروتين.
وتشرح ذويب: "تمثل (ماتريكس ميتالوبروتيازMatrix metalloproteases (MMPs) والإنتغرينات integrins وقنوات البوتاسيوم أهدافًا مناسبة لتطوير علاجات جديدة لعلاج مرض باركنسون وأمراض الغشاء المفصلي الأخرى، وبالتالي، يمكن أن تستفيد أيضًا من هذا البحث أمراض أخرى مثل مرض الزهايمر أو مرض التصلب اللويحي المتعدد multiple sclerosis".
وقد تم اختيار هذا المشروع البحثي من قبل معهد باستور في تونس كجزء من عملية التميز في إفريقيا (EXAF). EXAF، وهي مبادرة بقيادة Ecole Polytechnique Fédérale de Lausanne في سويسرا وجامعة محمد السادس للفنون التطبيقية في المغرب، تعزز التعاون بين الباحثين الشباب المقيمين في إفريقيا وأساتذة EPFL. يتم تمويل المشاريع الناجحة لمدة 4 أو 5 سنوات. ومن المتوقع أن يبدأ هذا العمل المشترك في ربيع هذا العام 2021.
هذا وتستخدم سموم الحيوانات المختلفة من نحل وضفادع وعقارب وأفاعي في علاج العديد من الأمراض في الطب التقليدي والبديل، لعلاج التهاب المفاصل وآلام الأسنان والأمراض السرطانية، وقد استعيض عن استخراجها من الحيوانات باستخدام التقنيات العلمية المتطورة لدراسة عناصرها الكيميائية وبطريقة آمنة وذلك عبر تقنيات تسلسل الحمض النووي وغيرها من مقاربات البيولوجيا الحيوية الحديثة.