نفوق مئات من الإبل في الإمارات العربية المتحدة... بسبب البلاستيك

مشاركة


البيئة تلوث

 

رصد وترجمة: سوزان أبو سعيد ضو

 

أظهرت دراسة أن المئات من الإبل (الجِمال) قد نفقت في كافة أنحاء الإمارات العربية المتحدة بسبب استهلاك البلاستيك خلال العقد الماضي.

فقد أشارت الدراسة إلى أنه من بين 30 ألف جمل تم تحليلها منذ عام 2008، في الميدان أو في المختبر من قبل موظفين من مختبر الأبحاث البيطرية المركزي في دبي، مات حوالي 300 بسبب polybezoars وهي كتل من مادة غير قابلة للهضم مصنوعة من البلاستيك.

وهذا يعني أن  وفاة واحدة من كل 100 جمل في الإمارات العربية المتحدة هو بسبب استهلاك النفايات البلاستيكية التي يخلفها البشر، سواء في التخييم أو من النفايات بشكل عام.

وقد نُشرت الدراسة، التي تحمل عنوان "محنة الإبل التي تأكل النفايات البلاستيكية" The Plight of Camels Eating Plastic Waste، مؤخرًا في مجلة البيئة القاحلة Arid Environments وبينت أن polybezoars الموجودة في معدة الإبل يمكن أن يصل وزنها إلى 53 كيلوجرامًا أو ما يعادل وزن بعض الناس.

From the study "The Plight of Camels Eating Plastic Waste"

وقال الدكتور أولريش ويرنيري، المدير العلمي لمختبر البحوث البيطرية المركزي بدبي  CVRL ومؤلف الورقة البحثية: "لا يمكنك أن تقول "أرجوك لا ترمي القمامة، عليك أن تعاقبهم. سوف يتوقفون عندما يشعرون بذلك في جيبهم"

بالإضافة إلى الأكياس البلاستيكية، غالبًا ما تحتوي polybezoars على حبال وأجزاء من الزجاجات البلاستيكية، بما في ذلك الأغطية، والتي تتراكم على مدار سنوات في جهازها الهضمي عندما تأكلها الحيوانات في اعتقاد خاطئ أنها طعام.

Courtesy: Dr Ulrich Wernery from The National News

قال الدكتور أولريش ويرنيري Ulrich Wernery، المدير العلمي لـ CVRL ومؤلف مشارك في الورقة البحثية: "بالنسبة لي، كطبيب بيطري، أن أرى كل معاناة الحيوانات هذه، إنه أمر مدمر"، "إذا ذهبت عبر الصحراء تجد البلاستيك في كل مكان. الناس لا يهتمون. يرمون أغراضهم من سيارتهم وهي تطير في كل مكان ".

وقال ويرنيري لـ "غلف نيوز" أن الحيوانات تبتلع أكياسًا وحبالًا بلاستيكية ثم تتكلس في بطونها وتتحول إلى ما يشبه الصخور أو الكرات الثقيلة، التي تملأ المعدة وتجعل من المستحيل على الحيوانات أن تأكل ، مما يؤدي في النهاية إلى نفوقها جوعاً.

Courtesy: Dr Ulrich Wernery from The National News

وأشار إلى أنه أصيب بالصدمة حين زار منطقة صحراوية في إمارة رأس الخيمة في شمال دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث جمع المواطنون جثث الحيوانات التي نفقت نتيجة تناول البلاستيك، وقد أسماه "وادي الموت" Death Valley.

ويوضح المؤلف الأول للدراسة، الدكتور ماركوس إريكسن Marcus Eriksen، المؤسس المشارك ومدير الأبحاث لمنظمة حملات التلوث البلاستيكي، في معهد 5 Gyres، كيف زادت مشكلة النفايات البلاستيكية في الخليج.

وإريكسن، وهو جندي سابق في مشاة البحرية، قاتل في حرب الخليج الأولى قبل ثلاثة عقود، نقله الدكتور ويرنيري إلى الصحراء بالقرب من دبي وقال إن الحطام الآن أكثر بكثير مما كان عليه عندما كان في المنطقة لأول مرة.

قال "ما رأيته كان يفوق الوصف"، وأضاف "لم أستطع أن أصدق مقدار القمامة، بعد 30 عامًا، التي كانت تطير عبر الصحراء."

وفي الصحراء، أراه الدكتور ويرنيري هياكل عظمية للإبل النافقة مع بقايا البلاستيك مرئية داخل أضلاع هذه الحيوانات. من الواضح أن هذه الكتل الضخمة من النفايات البلاستيكية تسببت في موتها.

تقتل Polybezoars بطرق مختلفة. فهي تشكل ما وصفه الدكتور إريكسن بأنها عوائق "مؤلمة للغاية" قد تكون قاتلة، وتؤدي أيضًا إلى ارتفاع عدد البكتيريا داخل الجمال، ما يؤدي إلى التهابات مميتة.

وعن طريق ملء المعدة، والتوقف عن الأكل، تؤدي إلى المجاعة بسبب امتصاص القليل من العناصر الغذائية. "ومن المحتمل أن تعاني الحيوانات من الألم المستمر"، وفقا لإريكسن: "قد يستغرق الأمر شهورًا أو سنوات حتى يتراكم إلى الحد الذي يصبح فيه تأثيرًا ضارًا"، وقال: "ينتقل الأمر من الشعور بعدم الراحة إلى الضرر، ويموت الحيوان ببطء. وكل ذلك الوقت كانوا يعاني".

وأشار إريكسن إلى أن المشكلة الرئيسية هي أن الرياح غالبًا ما تطير الأكياس البلاستيكية عبر الصحراء حتى لو تم التخلص منها بشكل صحيح في البداية.

ونتيجة لذلك، اقترح مؤلفو الدراسة أنه "يجب إيلاء اعتبار دقيق لدور البلاستيك أحادي الاستخدام، وتقليل استخدامه الحالي والتوقف عن استعماله في نهاية المطاف في المجتمعات الحديثة".

قال الدكتور إريكسن إن فرض ضريبة إجبارية على الأكياس البلاستيكية يمكن أن يساعد في تقليل استخدامها، مثل هذا الإجراء من الرسوم الإجبارية المفروضة سبق وتم تطبيقه في العديد من البلدان الأخرى.

وفقًا لأرقام حكومة المملكة المتحدة، قدمت المتاجر الكبرى في إنجلترا 7.6 مليار كيس بلاستيكي للاستخدام الفردي في العام 2014، وهو العام الذي سبق فرض ضريبة إلزامية بقيمة 5 بنسات، وساهمت هذه الضريبة بخفض عدد الأكياس البلاستيكية المستخدمة بأكثر من أربعة أخماس.

واقترح الباحثون أيضًا النظر في حظر المواد البلاستيكية التي تستخدم مرة واحدة، إلى جانب فرض غرامات أكثر صرامة على الأشخاص الذين يتخلصون من الأكياس البلاستيكية.

قال الدكتور ويرنيري "لا يمكنك التحدث إلى الناس فقط والقول، أرجوكم لا ترموا النفايات، إنهم لا يستمعون إليك، يجب أن تعاقبهم، سوف يتوقفون عندما يشعرون بذلك في جيوبهم."

وطالب علماء البيئة والأطباء البيطريون أي شخص يتجه إلى الصحراء على التخلص بعناية من نفاياته لمنع المزيد من الأضرار التي تلحق بالحياة البرية في الإمارات العربية المتحدة والبيئة الطبيعية.

يعد التخييم في الصحراء أو الجبال أو بالقرب من الشاطئ أمرًا شائعًا للغاية بين السكان والإماراتيين، خصوصا خلال أشهر الشتاء الباردة، ولكن ترك النفايات خلفهم يمكن أن يساهم في الموت المؤلم للعديد من الحيوانات والطيور والحياة البحرية.

في منتصف الماضي، أزالت بلدية دبي 130 طناً من القمامة من الصحراء، وتجري حالياً حملة تنظيف مدتها ستة أسابيع لتخليص صحراء الإمارة من المزيد من النفايات.

قال الدكتور ويرنيري: "أنا هنا منذ 20 عامًا وأشهد العديد من الحيوانات النافقة بسبب البلاستيك في معدتها كل يومين تقريبًا، إنها مشكلة عالمية ويجب أن يكون الناس على دراية وتذكيرهم دائمًا بعواقب ترك القمامة وراءهم."

في الآونة الأخيرة، وجد الدكتور ويرنيري بقرة متحللة في الوثبة مع 26 كغم من البلاستيك في معدتها.

وقال: "لقد تعاملت مع حيوانات ميتة مثل الجمال والأبقار والغزلان والماعز والطيور والسلاحف والثدييات البحرية هنا وبسبب البلاستيك وهي مجرد قمة جبل الجليد".

قال الدكتور منصور شودري Dr Mansoor Chaudhry، رئيس القسم السريري في مستشفى دبي للإبل، إن "الناس بحاجة لتحمل مسؤولية حماية البيئة في البلاد، فالصحراء مكان طبيعي، بيئة مستدامة، ذات أعشاب طبيعية، تعيش وترعى فيها الحيوانات البرية. يحتاج إلى اهتمام ورعاية من جميع أفراد المجتمع الذين يستخدمونه للتخييم ومشاهدة مناظرها الجميلة والتجمع العائلي ورحلات السفاري".

وأضاف "على الرغم من وجود قواعد صارمة من حكومة الإمارات العربية المتحدة للحفاظ على نظافة الصحراء والشواطئ، إلا أن الجهود الإضافية والمعلومات والتعليم والمبادئ التوجيهية مطلوبة على مستويات مختلفة من المخيمين والسواح وعامة الناس."

قال الدكتور شودري إنه من المحتمل أن يكون هناك المزيد من نفوق الإبل بسبب تناول البلاستيك إذا لم يتم تطويق الحيوانات في مناطق محددة.

وقال: "لكن تم العثور على بعض الإبل النافقة مصابة بحمى المعدة في فحوصات ما بعد الوفاة، والتي ربما كانت بسبب الجهل والإهمال أثناء إطعام الإبل في اسطبلات، أو تناول الطعام من صناديق قمامة مفتوحة أو الرعي في الصحراء دون رقابة".

قالت حبيبة المرعشي، رئيسة مجموعة الإمارات للبيئة، إن معظم الناس يقللون من أهمية وجود نظام بيئي صحراوي صحي.

وقالت المرعشي: "تتشكل مجموعة كبيرة من المعادن المهمة، مثل الجبس gypsum، في الصحاري. كما تعد صحارى الإمارات موطنًا للعديد من الأنواع النادرة التي توشك على الانقراض".

وقالت إنها أوصت بأن يتم تنظيم المخيمات بقواعد أكثر صرامة لضمان عدم إلقاء الناس للنفايات.

وتابعت المرعشي: "من المستحسن أن تتدخل الحكومة لتخصيص عدد قليل فقط من المواقع بهدف التخييم الشخصي والباقي لمنظمي المخيمات، حتى تكون المحافظة على الصحاري النظيفة أسهل، ويجب تشجيع الناس على المخيم بالترتيبات التي تتخذها الوكالات".

وتقوم مجموعة الإمارات للبيئة بحملات تنظيف منتظمة في جميع أنحاء البلاد. في العام الماضي، أزالت المجموعة 43.3 طنًا من النفايات من الصحراء وتأمل في تنظيف المزيد هذا العام.

 

بتصرف عن The National News, Gulf News

 







مقالات ذات صلة