لا قداسة للأشخاص... ونقطة على السطر!
أنور عقل ضو
من يتعاطى الشأن العام، وفي أي موقع كان هو عرضة بالضرورة للنقد ولأبعد منه، وليس ثمة من هو بقادر على كتم أنفاس الناس، والشتيمة شكل آخر من أشكال التعبير في حاضرة همومنا وما أكبرها، وبغض النظر عن أية معايير أخلاقية، خصوصا حين يكون لدى السلطة، أي سلطة، ممارسات فيها ما لا يحصى من الشتائم وبينها "شتامون" على الهواء مباشرة، فالذاكرة لا تخون!
وتاليا، الشتيمة أيضا، هي رجع صدى لخطاب مسؤول في لحظة يرزح فيها المواطن تحت عبء ظروف تقض حياته ومستقبله، ومن ثم لا قداسة للأشخاص ونقطة على السطر! وما عدا ذلك تجديف يعيدنا إلى أقبية الأنظمة الشمولية، القريب منها والبعيد.
ولمن لا يعلم، الشعب اللبناني لا يصنف "شتاما"، لكنه كفر بكم، أي بكل الطاقم السياسي الذي أوصل البلاد إلى غابة الخوف والقلق: فقر، جوع، بطالة، فساد، سرقة، هدر كرامات وإذلال يومي، وثمة من يخاف على المس بالكرامات، فيما لا كرامة إلا للوطن، فالكل إلى زوال، وحده لبنان باق، وحده المقدس، أما الأشخاص فيتغيرون، وحده التاريخ ينصف هذا أو يرذل ذاك، وأيضا نقطة على السطر!
ومن ثم القداسة مفهوم اجتماعي، وليس ثمة ما هو مقدس بذاته، وما تراه أنت مقدسا وترفعه إلى منزلة الإله يراه غيرك خلاف ذلك تماما، ومن يتعاطى الشأن السياسي عليه أن يتوقع الشتيمة سرا أو جهرا، ولا من عاد في مقدوره كم الأفواه، ولا رقابة تجدي على وسائل التواصل الاجتماعي، إذا كممتم الأفواه عبر الدولة "العميقة" البوليسية، فثمة لبنانيون خارج لبنان سيكيلون لكم شتائم أكبر وأكثر.
ليس ثمة من ينادي بثقافة الشتم، لكن واقعنا اليوم يستحضر في الناس شتائم مقذعة، مرفوضة حتما، ولكن هذا واقع الحال، وما تسمعونه في العلن وعلى مواقع التواصل ليس إلا القليل القليل، الشعب كفر بسلطة عاجزة متناحرة متسلطة خاوية، تقود لبنان إلى المجهول، فاعتبروا!!