من غرائب الطبيعة: النحل الطنان "يثقب" أوراق النباتات لانتاج "أزهار تحت الطلب"!

مشاركة


البيئة تنوّع بيولوجي

 

سوزان أبو سعيد ضو

لا تتوقف الطبيعة عن مفاجئتنا بغرائبها، خصوصا في مجال عالم النحل، وهو ما كشفته دراسة حديثة، عن تطوير النحل الطنان قدرة على التأثير على النباتات، لتزهر باكرا، عبر احداث جروح على أوراقها، وخصوصا في حال شح الرحيق وغبار الطلع في أوائل الربيع، وهذا الإكتشاف، يفتح الأبواب على أمرين، أن يتمكن أن يؤثر هذا الأمر ايجابيا على الزراعة، فضلا عن أنه كشف مقدار ما نجهله عن الطبيعة، وما يتسبب تدخلنا السلبي، من آثار مدمرة على الكوكب وكافة المخلوقات وخصوصا الحشرات المفيدة كالنحل، التي تبين الأبحاث أنها الأكثر عرضة لما يؤول إليه الكوكب من انقراض مستمر في الحشرات، وهو ما يؤثر على البشر كنتيجة.

وفي بداية الربيع، ومع قلة الموارد لهذه الحشرات حيث تكون كمية حبوب اللقاح شحيحة والنباتات القريبة من قفيرها لم تزهر بعد، لذا طورت العاملات طريقة لإجبارها على التفتح. فقد أظهرت الأبحاث التي نشرت يوم الخميس في مجلة Science أن الحشرات تعمل على إحداث ثقوب في أوراق النباتات، ما يجعلها تزهر، وقبل 30 يومًا في المتوسط ​​، مما كانت ستفعله بخلاف ذلك. لا تزال كيفية تطور التقنية ولماذا تستجيب النباتات لـ "لدغات" النحل الطنان عن طريق التفتح غير واضحة. لكن الباحثين يقولون إن اكتشاف هذا السلوك الجديد في مثل هذا المخلوق المألوف أمر رائع.

يقول جون مولا John Mola، عالم البيئة في مركز المسح الجيولوجي U.S. Geological Survey في مركز فورت كولينز للعلوم Fort Collins Science Center بالولايات المتحدة في كولورادو، والذي لم يشارك في الدراسة: "هذه واحدة من تلك الدراسات النادرة حقًا التي تلحظ ظاهرة طبيعية لم يتم توثيقها من قبل"، وقال إن النتيجة الجديدة "تقدم كل أنواع الأسئلة والتفسيرات المحتملة" حول مدى انتشار السلوك وأسباب حدوثه.

وقالت المؤلفة المشاركة في الدراسة Consuelo De Moraes، وهي عالمة في مجال البيئة الكيميائية في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا زيورخ (ETH زيورخ)، أنها وزملاؤها كانوا يلاحظون نوعًا واحدًا من النحل الطنان في تجربة مختبرية غير ذات صلة عندما لاحظوا أن الحشرات كانت تتلف أوراق النبات، وتساءلوا عن السبب، وتقول: "في البداية أردنا أن نعرف ما إذا كان النحل الطنان يزيل هذه الأنسجة أو يتغذون على النباتات أو يأخذون (مادة الأوراق) إلى قفيرهم". ولأن الأبحاث السابقة أظهرت أن الإجهاد يمكن أن يحفز النباتات على الإزهار، تساءلت دي مورايس وزملاؤها أيضًا عما إذا كان النحل ابتكر طريقة لإنتاج "أزهار عند الطلب".

فقد طول هذا النحل الطنانة مجموعة من الموارد: عندما تكون حبوب اللقاح شحيحة والنباتات القريبة من القفير لا تزهر بعد، طورت العاملات طريقة لإجبارها على التفتح. تظهر الأبحاث التي نشرت يوم الخميس في مجلة Science أن الحشرات تثقب أوراق النباتات، مما يجعلها تزهر، في المتوسط ​​، قبل 30 يومًا مما كانت ستفعله بخلاف ذلك. لا تزال كيفية تطور التقنية ولماذا تستجيب النباتات لهذا التدخل غير المألوف لدى النحل الطنان عن طريق التفتح غير واضحة. لكن الباحثين يقولون إن اكتشاف سلوك جديد في مثل هذا المخلوق المألوف أمر رائع.

لمعرفة المزيد، وضع الفريق النحل الطنان المحروم من حبوب اللقاح مع نباتات الطماطم والخردل في أقفاص شبكية، سرعان ما بدأ بإحداث النحل عدة ثقوب في أوراق كل نبتة باستخدام الفك السفلي والخرطوم proboscises. كاختبار، حاول الباحثون تكرار الثقوب التي أحدثها النحل الطنان في نباتات إضافية باستخدام الملقط والشفرة، وقد ازهرت كلتا المجموعتين من النباتات ذات الأوراق المصابة بشكل أسرع، ولكن تلك التي ثقبها النحل أزهرت قبل أسابيع من تلك التي أحدث فيها العلماء الثقوب، مما يشير إلى أن المواد الكيميائية الموجودة في لعاب الحشرات قد تكون متورطة أيضًا.

بعد ذلك، انتقل الباحثون بتجربتهم إلى خارج المختبر لمعرفة ما إذا كان النحل الطنان سيستمر في إتلاف النباتات بالقرب من العش حتى لو كانت النباتات المزهرة متاحة في مكان أبعد، وبالفعل قاموا بذلك. يقول مارك ميتشر Mark Mescher، وهو مؤلف مشارك في الدراسة، وهو عالم إيكولوجي كيميائي: "إذا كان عليهم البحث عن أماكن أبعد للعثور على الزهور، فقد يكون من المنطقي القيام بهذا السلوك الضار بالقرب من قفيرهم إذا كان ذلك يساعد في جلب الموارد".

في المستقبل، يمكن للعلماء التحقيق في كيفية تطور السلوك ومدى انتشاره بين أنواع نحل الطنانة البرية الأخرى، وكذلك ما يحدث في النباتات على المستوى الجزيئي بعد لدغة النحل. يمكن أن يساعد فهم هذه الأسئلة في التنبؤ بشكل أفضل بقدرة نحل الطنانة على الازدهار في المستقبل، حيث يهدد تغير المناخ بإلغاء التزامن الدقيق للعلاقات بين الملقحات والنبات عن طريق تغيير توقيت السبات الشتوي والتوافق مع ازهار النباتات وخروج هذه الحشرات لجمع طعامها من لقاح ورحيق.

يقول ميشر: "مع تغير المناخ، تصبح البيئة غير قابلة للتنبؤ بشكل أساسي، لكن ما وجدناه قد يميل إلى التخفيف من الاضطرابات بسبب تغير المناخ".

وقد وجد العلماء هذا النوع من الممارسات لدى نوعين من النحل الطنان البري أيضا.

يوجد حوالي 200 ألف نوع من النحل في العالم، وربما تكون أهم ملقحات الحشرات، ومنها النحل الطنان وغيرها من النحل الانفرادي التي انخفضت أعدادها بصورة كبيرة في العديد من الأماكن، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى استخدام المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب، وفقدان الموائل، والاحترار العالمي، وهذا الأمر أثر على كثير من الحشرات المفيدة الأخرى، التي تواجه تحديات كبيرة، وتعود العلاقة التكافلية المفيدة بين النباتات والملقحات من الحشرات إلى أكثر من 150 مليون عام، ولكن يبدو أن تدخل الإنسان في الطبيعة، قد يقضي على هذه الحشرات وبالتالي النباتات التي تغذي البشر.

المصادر: National Geographic, Science, Scientific American, etc...







مقالات ذات صلة