رحل العم أبو علي تاركا سيارة التاكسي وقنينة الأوكسيجين... ماذا عنا نحن "الميتين" كل يوم؟!

مشاركة


خاص اليسار

فاديا جمعة

في دولة الفساد لا كبرياء لدى مسؤولين، وإن كانوا يدعونه باطلا وبهتانا، خصوصا وأن المنح والعطايا والتقديمات الاجتماعية غالبا ما تضل طريقها عمن هم أحوج إليها لتصل إلى قوائم الأتباع والمخلصين، أولئك من يطأطئون الرؤوس ذلا ومهانة كرمى لزعيم ومسؤول، وهم ليسوا بحاجة، ولا عضهم الجوع ولا دنا منهم العوز، لكنهم ذليلون يستجدون ما ليسوا بحاجة له.

هل تذكرون اللوائح "الملغومة" التي رفضها الجيش اللبناني بعد أن تبين له زج أسماء الأتباع ممن ليسوا بحاجة لـ "مكرمة رسمية"؟ ولو لم يصوب الجيش الخلل ويكشف الفضيحة لكانت المساعدات "طارت" من أمام مستحقيها الحقيقيين.

وهل تذكرون أيضا العم أبو علي حامد من سير الضنية؟ هل تذكرونه وهو سائق التاكسي مع "قنينة أوكسيجين" يعمل ويكد وهو العجوز كي يبقى على قيد الحياة بأنفة وكِبر وإباء وكرامة؟

هل تذكرونه يوم أمضى أربع ساعات داخل نفق بسبب ازدحام السير، وقال: "قنينة الأوكسيجين بعد بتكفيني نص ساعة وبس تخلص بموت"؟!

العم أبو علي توقف قلبه من تعب وقهر وتوقفت سيارته، ربما هي وحدها من يبكيه اليوم، لأنها "تعلم" أن "قلبها" توقف أيضا.

ارتاح العم أبو علي، فالموت أحيانا رحمة، لكن ماذا عنا نحن "الميتين" كل يوم؟ ارتاح العم أبو علي، فلن يشاهد لصوص السياسة ممن لم تؤمنوا له عيشا كريما ضمانا لشيخوخة واحتراما لوقار السنين.

ثمة من قال أن العم أبو علي وافاه الأجل أمس، وثمة من ذكر أنه توفي قبل أشهر عدة، فالخبر فرض نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يغير تاريخ الوفاة شيئا من حجم المعاناة الإنسانية.

العم أبو علي ليرحمك الله!

 







مقالات ذات صلة