الكورونا... حبيب قلب الساسة اللبنانيين!

مشاركة


لبنان اليوم

* بسام سامي ضو

بعيداً عن المآسي التي يخلّفها، وعن الخسائر الفادحة التي عصفت باقتصادات العالم بسببه، وعن الرعب الذي ينشره في نفوس البشر الذين باتوا خائفين على انقراض نصفهم نتيجة الإصابة به، وبمعزلٍ عن تحويله الكرة الأرضية إلى كرةٍ صغيرة معزولة يتلاعب بمصير مَن عليها.. بعيداً عن كل ذلك، حلّ فيروس كورونا المستجد بَرَداً على قلوب غالبية الساسة اللبنانيين الذين كدنا ننسى وجوههم وأسماءهم ونعتاد غيابهم عن تفاصيل حياتنا اليومية، بصغيرها وكبيرها، وقد غُيّبوا لأشهرٍ عن شاشات التلفزة والبرامج الحوارية التي كانوا نجومها الدائمين، بعدما زلزلت "ثورة 17 تشرين" موقعهم وهزّت كراسيهم التي تجذّرت أباً عن جدّ لحفيد، وحوّلتهم من "متبوعين" من قِبل مؤيدّين ومريدين ومدافعين عنهم بالروح والدم، إلى "مُطاردين" من قِبل الفقراء والذين صادروا خيراتهم وأرزاقهم وأموالهم وأحلامهم وآمالهم بمستقبل أبنائهم، وجعلتهم "مطرودين" من المطاعم ومراكز التسوّق، ما أدّى بهم إلى "حَجر" أنفسهم طوعاً وتحسباً لغضبة الناس وعزلاً لأنفسهم عن "فيروس الثورة" الذي فاجأهم ذات 17 تشرين وكانوا يخالون أنفسهم محصنّين ضده وقادرين على احتوائه قبل تحوّله "وعياً جارفاً" لا حول لهم ولا قوة في مواجهة مدّه الذي سيليه جزرٌ لحضورهم التاريخي المكرّس في يومياتنا.

وإذ بكورونا الملعون يأتي ليحرّرهم من أسرٍ تأمّلنا أن يطيح بهم - ولو بعد حين - فرأوا في هذا الفيروس الذي أصاب الناس بالرعب نعمةً أتتهم على حين غرّة، وخشبة خلاص أنقذتهم من الغرق في لجج الآتي، فلم يتردّد أصحاب الزعامة والمعالي والسعادة في التقاط هذه الفرصة النادرة ليستعيدوا زمام المبادرة ويهبّ كلّ منهم إلى نجدة "شعبه وأبناء منطقته" وطائفته ومذهبه ضمناً، واضعاً إمكاناته المادية - التي كانت حتى الأمس القريب موضع شبهة ومساءلة- في تصرّفهم، داعماً المستشفى في "منطقته" بما يحتاجه من خلال "صندوق دعم" يديره هو، داعياً "ناسه" إلى الحيطة والحذر، متحوّلاً إلى خبيرٍ ومرجعٍ في الصحة، مشرفاً على إجراءات التعقيم والسلامة في زواريب وأحياء "ضِيعه"، عازلاً أبناء "شعبه" عن غيرهم من "الشعوب" الأخرى في الوطن، مستعيداً بالتالي دوره "الطبيعي في قيادة الناس". ولن نستغرب غداً أن تعود زوجات أصحاب الزعامة والمعالي والسعادة لترؤّس جمعياتٍ مثل "معاً ضد الكورونا" و"أنت أخي والكورونا عدوّنا".

لعنةٌ إضافية عليك يا كورونا.

* كاتب وصحافي لبناني في دبي

 







مقالات ذات صلة