فضيحة فجرتها الصحافية زينب عثمان... "إنهم يقتلوننا بالدجاج"!

مشاركة


لبنان اليوم

 

 

"إليسار نيوز" Elissar News

لم نستطع التغاضي عن التحقيق الذي نشرته الزميلة زينب عثمان في جريدة "الأخبار" اليوم السبت 1 شباط/فبراير 2020، وقد تناقلته معظم المواقع الإعلامية في لبنان،  إذ تثبت عثمان حقيقة مخيفة وبالأدلة العلمية، للقتل البطئ الذي نتعرض له كلبنانيين، من تناولنا لحم الدجاج المحتوي على مواد تساعد على نموه بسرعة (خلال 40 يوما)، ما أدى إلى تطوير جين مقاوم لدى العوامل المسببة للأمراض وهو جين"mcr-1" المقاوم للمضادات الحيوية، وليس ذلك فحسب، بل من جهة ثانية، فخرنا بما تضمه جامعتنا الوطنية اللبنانية من طاقات ونخب علمية، وعلى الرغم من مواردها الضيقة، تتمكن من القيام بأبحاث علمية تعترف بها مجلات علمية عالمية مرموقة.

فالبحث هو عبارة عن دراستين نشرت الأولى منهما في المجلة العلمية American Society Of Microbiology وتبعتها الدراسة الثانية في International Journal of Antimicrobial Agents، تؤكدان على وجود أدلة مناعية في الدواجن التي يستهلكها اللبنانيون، لأحد أهم المضادات الحيوية وأحدثها، والذي يستخدم في الحالات المستعصية من الإلتهاب واسمه "كوليستين" Colistin

ويعرف "كوليستين" أيضا بـ polymyxin E، ووفقا لتعريف "وايكيبيديا" "يعتبر الكوليستين مضادا حيويا يستخدم كملاذ أخير للعدوى السلبية المقاومة للمضادات الحيوية،  إذ يستخدم لعلاج بعض الإلتهابات الناتجة عن البكتيريا الشرسة كالـ Pseudomonas،  والـ E.Coli لدرجة أن استخدام هذا العلاج يتطلب الدخول إلى المستشفى لإعطائه عبر المحلول الملحي، أي بمعنى آخر، ليس لدى المواطن أي علاج يمكن أن يشفيه إن أصبحت البكتيريا التي تطور طفرة Mutation تمكنها أن تصبح مقاومة للعلاج، وذلك بسبب استخدام هذا المضاد الحيوي الذي تستخدمه معظم مزارع الدواجن في لبنان "ووفقا للعدد المنشور في المقال عددها  أكثر من 600 مزرعة دجاج، حيث يتم استهلاك بين 50 و60 مليون فروج من الانتاج المحلي سنويا" وبهدف تسريع نمو الدجاج وسرعة تصريفه في الأسواق.

وتورد عثمان ثلاثة استنتاجات خرج بهما الحضور بعد ندوة ألقيت في الجامعة اللبنانية – كلية العلوم الزراعية والغذائية FAFS منذ أسبوعين، أولهما أن العقار "كوليستين" قد لا يعالج الإصابات بالبكتيريا  لدى البشر، كونها طورت جينا مقاوما له اسمه mcr-1، وثانيهما أن 90 بالمئة من العينات المأخوذة من مزارع دواجن في الجنوب والشمال أثبت احتواؤها على الجين المقاوم، وليس ذلك فحسب، بل إن الإستنتاج الثالث وهو الأخطر أنه تم إثبات أن 44 بالمئة من مياه الري المستخدمة في ري المزروعات تحتوي بكتيريا E.Coli على هذا الجين المقاوم، وإن علمنا أن هذا المضاد الحيوي يتم تذويبه في المياه التي تستهلكها هذه الدواجن، فإنه من المتوقع أن البكتيريا الموجودة في أجسام البشر، أن تكتسب مقاومة لهذا العلاج الذي يستخدم كملاذ أخير وفي المستشفيات فقط.

ووفقا لـ "عثمان" فقد دق المحاضرون ناقوس الخطر، خصوصا وأن هذه الطفرة قد تم اكتشافها بادئ الأمر في مزارع الخنازير في الصين، وتاليا اكتشافها في 30 بلدا، ووسط  استخدام عقار "الكوليستين" في مزارع الدواجن في لبنان "بكميات كبيرة وبطرقٍ غير خاضعة للرقابة"، فضلا عن دراسة نشرتها منظمة الصحة العالمية في العام 2016، خلاصتها أنه من المتوقع بحلول العام 2050 وفاة 10 ملايين شخص سنويا بسبب البكتيريا المقاومة للأمراض، والتي يعتبر قطاع الثروة الحيوانية مساهما فيها، كما هو واضح من السياق المذكور آنفا والدراسات التي أجراها  الباحثين في كلية الزراعة في الجامعة اللبنانية.

والمخيف أن "الكوليستين" يباع دون محذورات، وأن الباحثين أجروا مسحاً لمخازن الأدوية البيطرية، واكتشفوا أن هذا العقار "متاح على نطاقٍ واسع للاستخدام الحيواني، ويمكن شراؤه من دون وصفة طبية من الطبيب البيطري، تحت اثنتي عشرة علامة تجارية مختلفة، بينها كوليسولتريكس  (Colisultrix)، ألتيبيوتيك (Altibiotic)، كوليكسين (Colexin)، أمبيسين (Ampisin)، كوليسول (Colisol) ومونتاموكس (Montamox) "، والمستغرب أن هذا العقار ليس متوفرا في الصيدليات العادية بل في صيدليات المستشفيات لعلاج الحالات المستعصية، وأن الخطير في هذا الأمر  أن أغلب المزارعين في لبنان، "لا يعرف شيئاً عن تداعيات الاستخدام الخاطئ لهذه المضاد الحيوية، ويستحصلون عليها من مخازن الأدوية البيطرية، وبطريقة شرعية"، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول دور الجهاز الرقابي في وزارة الزارعة، وتحديداً مصلحة مراقبة الاستيراد والتصدير، كون العقار يستورد من الخارج ولا يصنع محليا" وفقا لـعثمان. 

وقد ذكرت عثمان دراسة حديثة لم يتم تعميم نتائجها، قام بها الباحثون في الجامعة اللبنانية أيضا تحت إشراف الأستاذ في كلية العلوم الزراعية والغذائية هادي جعفر، عُثر بنتيجتها على جين مقاوم آخر للمضادات الحيوية وهو "blaNDM-1" في 45 بالمئة من عينات جرثومية مأخوذة من مياه البحر، وفي 95 بالمئة من عينات مأخوذة من مياه عدد من الأنهر، وهو جين ينتج ما يصفه بعض الخبراء بـتمتع "جراثيم خطيرة" بمقاومة عالية للمضادات الحيوية، وقد اكتشف في العاصمة الهندية دلهي، ما ينذر بالخطر من تلوث بكتيري خطير للمياه السطحية في لبنان، وبالتالي انتقال هذه البكتيريا المقاومة للأمراض إلى المواطنين خصوصا كبار السن والأطفال عبر المياه والغذاء.

وبدورنا في "إليسار نيوز" وتماشيا مع المعلومات الواردة في "الأخبار"، نضع هذه المعلومات الخطيرة بتصرف المعنيين في الوزارات المختلفة، لا سيما وزارة الزراعة والصحة والبيئة، لاتخاذ الخطوات الضرورية لجهة القيام بخطوات رقابية صارمة لاستخدام المواد الكيميائية المختلفة وليس هذا العقار فقط، خصوصا وأن "الكوليستين" قد سبق حظره الاتحاد الأوروبي عام 2006، والولايات المتحدة عام 2017، وأن هذا العقار وفقا للأستاذ المساعد المتخصّص في العلوم الجرثومية والغذائية عصمت قاسم قد "شهد زيادة بنحو خمسة أضعاف في الإستخدام، في مؤشر واضح على زيادة غير مسبوقة في الإصابات المقاومة للمضادات المتعددة في مستشفيات لبنان، والتي تتطلب استعمال هذا المضاد، وقد قدّر أن ما يقرب من ثلاثة آلاف مريض لبناني (0.05٪ من التعداد السكاني)، استدعت حالتهم العلاج بـ (الكوليستين)"، وبرأيه فإن "الرقم مخيف، بل كارثي، في حال أصبح الكوليستين غير فعّال".

بتصرف عن "الأخبار" الصحافية زينب عثمان







مقالات ذات صلة