إيران و"القوة المرنة"... ضربات موضعية ولا حرب شاملة!
أنور عقل ضو
بعيدا من أصداء اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني في راهنيته كحدث إقليمي ودولي، أي بمعنى القراءة السريعة، وما تتضمن في الغالب من مواقف انفعالية، لا بد من مقاربة أكثر عمقا حيال ما هو متوقع، فأي رد إيراني سيكون محسوبا، فالجمهورية الإسلامية التي صمدت منذ قيامها في أواخر السبعينيات من القرن الماضي في مواجهة الإستهدافات الأميركية، تدرك جيدا أن أي صراع مع أميركا محكوم بسقوف غير منفصلة عن التوازنات الدولية المستجدة، فالولايات المتحدة لم تعد متحكمة بمصير العالم كما كان الأمر يوم غزت يوغسلافيا، فيما كانت روسيا تلملم وضعها عقب انهيار الاتحاد السوفياتي.
وتدرك إيران جيدا أن ثمة معطيات لصالحها، أهمها الموقف الروسي المتقدم في مواجهة واشنطن، وتاليا الموقف الصيني، وهي تملك هامشا للرد ضمن هذا التوازن وشروطه، ولا حرب شاملة في المنطقة، لأن دونها محاذير، أقلها أَن أحدا لن يكون في منأى عن تأثيراتها وتداعياتها، لا حلفاء إيران ولا خصومها، وهنا تعرف الجمهورية الإسلامية استخدام ما يمكن توصيفه بـ "القوة المرنة"، وهذا ما كرسته على مدى سنوات طويلة وفي أوج صراعها مع الولايات المتحدة، فالحرب ليست نزهة أولا، ولا تكافوء في القوة والإمكانيات مع واشنطن ثانيا، فضلا عن أن إيران إن أرادت الحرب فستخوضها ضد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة وقواعدها العسكرية (دول الخليج تحديدا)، وستكون في المقابل في دائرة الإستهداف المباشر، أما الولايات المتحدة فلن تكون جزءا من جغرافيا الحرب إن اشتعلت.
كل هذه العوامل تعزز فرضية ألا حرب واسعة، والرد الإيراني سيكون مدروسا في مـا يمكن توصيفه بضربات موضعية، توجع ولا تجر العالم إلى حرب شاملة، ولا يعني ذلك أن العالم لا يحبس أنفاسه بانتظار ما ستفضي إليه التطورات المقبلة!