مجزرة بيئية موصوفة في مجدليا – قضاء زغرتا!

مشاركة


لبنان اليوم

 

سوزان أبو سعيد ضو

"لم تعد قريتنا مجدليا إلا عبارة عن مكبات نفايات منتشرة" هذا لسان حال أحد مواطني بلدة مجدليا في قضاء زغرتا، إذ على مداخل القرية وعلى جوانب الشوارع، انتشرت مكبات عشوائية، تطالع سكانها، والزائرين، وليس ذلك فحسب، بل إنه في جوار الجامعة الأنطونية، وبالخفية عن السكان، يجري تجميع النفايات "دوكمة" أي بدون فرز، في معمل "المعراوي" المهجور للأخشاب، ولولا الحريق الكبير الذي بث سمومه ووصل إلى منطقة القبة وطرابلس، وبعيدا عن مجدليا وزغرتا، لما تم اكتشافه، وقد وثقنا هذا الأمر بمقال تحت عنوان " سموم مسرطنة في سماء طرابلس... من يستبيح المدينة ويهدد صحة أبنائها"!

وليس موقع المكبات مقتصرا على جوانب شوارع البلدة ومداخلها، بل إنه في وسط المسافة بين زغرتا وطرابلس وعلى ضفاف ومياه "نهر بشنين" ونبع "هاب"، وهو أمر لا يمكن إلا وصفه بالإرهاب البيئي الموصوف، إذ تلوث المياه والتربة والهواء بما تبثه من سموم وخصوصا خلال الحريق الكبير، الذي وصل دخانه إلى طرابلس.

ويبدو أن الحريق قد بدأ فجر يوم 16 كانون الأول/ديسمبر، كون سكان المناطق المحيطة استفاقوا صباحا، وهم يظنون أن أحدهم قد أشعل إطارات في الجوار، ليتم اكتشاف السبب لاحقا، وليتداعى مخاتير من طرابلس والقبة إلى الذهاب إلى المعمل المذكور، ولتصل لاحقا قائمقام زغرتا إيمان الرافعي، وليفاجأوا جميعا بكمية النفايات في الداخل، والتي قدر أحد الأشخاص كميتها بحمولة 200 شاحنة، وقد جمعت في باحة المعمل وعلى أرضه الإسمنتية، وهو الأمر الإيجابي الوحيد، إذ أن هذا الأمر يمنع تسرب عصارات النفايات إلى التربة وإلى المياه الجوفية، علما أن هذه المنشأة على بعد أمتار من الجامعة الأنطونية و100 مترا من مدرسة، وقد أكد مصدر رفض ذكر اسمه، أن هذه النفايات لا تقتصر على نفايات مجدليا أو زغرتا، بل يتم احضارها من أماكن أخرى.

وقد طالبت الرافعي في كتاب وجهته قائمقام زغرتا الى رئيس بلدية زغرتا تطلب اليه نقل النفايات غير المُعالجة (والتي وُجدت في هذا المكان المخصص فقط للفرز) تحت طائلة الاقفال والختم بالشمع الاحمر، ويرى الناشطون أن هذا القرار أتى جائرا إذ أنه أعطى المكتسبين من معاناة الناس في مجدليا وزغرتا والقبة وطرابلس والمتاجرين بصحة المواطنين مهلة جديدة.

وفي هذا المجال، وللمفارقة، اعتبر رئيس البلدية ان الحريق قد أتى على الكرتون فقط، وكأن الحريق يميز بين الكرتون وغيره.

وقد أشار ناشطون إلى أن  ان النفايات المجموعة في المعمل هي نفايات لم تتم معالجتها ما يمكن أن تشكل كارثة بيئية اخرى في حال اندلع حريق اخر.

وأكدت مصادر من مجدليا لـ "إليسار نيوز" أن الشاحنات لا زالت تدخل المعمل وتفرغ حمولتها، وأن بعض الشاحنات ليس لها أرقام، أي أنها مخالفة، وقد أبلغوا أحد الجهات الأمنية، وأكدوا لهم أنهم يتابعون الموضوع، ولكن لم يأت أحد لا لإيقاف الشاحنات المذكورة التي أكد سائقيها أنهم من بلدة علما في القضاء، وقامت بإفراغ حمولتها.

وأشاروا إلى أن التحقيقات ما زالت جارية والمدعي العام البيئي يتابع الموضوع، وإن كانت مصادر قد أشارت لموقعنا "إليسار نيوز" أن تقريرا قد صدر بأن الحريق ناتج عن مس كهربائي، مع العلم أن المعمل مختوم بالشمع الأحمر، أي أن لا تيار كهربائي، ورجحوا أن الحريق قد حصل نتيجة انبعاثات غازات مثل غاز الميثان، الذي ينبعث من كثير من المكبات ويتسبب باشتعالها بصورة تلقائية بسبب الحرارة أو حتى عقب سيجارة مشتعلة، فهذا المعمل يبدو وكأنه قنبلة موقوتة تنتظر الإنفجار، مهددة القاطنين في مجدليا وعددهم 30 ألف نسمة، وزغرتا وفيها عدد مماثل من السكان أو أكثر بقليل، بتلوث مزمن في هواء وتربة ومياه المنطقة.

كما وثق أحد سكان المنطقة صورا حديثة من صباح اليوم، وأرسلها إلى موقعنا "إليسار نيوز"، ونضعها بتصرف المسؤولين في الدولة ولا سيما وزارتي البيئة والداخلية والبلديات، ليتم إجراء المقتضى.







مقالات ذات صلة