"إليسار نيوز" Elissar News

أكبر إساءة للثورة الشعبية في لبنان أن يبدي رأيه فيها فريق إقليمي أو دولي، وحبذا لو يسهم الفرقاء السياسيون في حلحلة أمور البلد كي لا يظل مشرعا على تدخلات إقليمية ودولية، وأي دولة تدلي بدلوها في موضوع ما يشهده لبنان لا يعبر عن شابات وشباب الثورة لا من قريب أو بعيد، خصوصا وأن الثورة تصنع اليوم الاستقلال الحقيقي للبنان، ذاك الذي شهدنا بواكيره في ساحتي الشهداء ورياض الصلح قبل أيام عدة.

وما كان ينقص الثورة إلا دخول وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو على خط الحراك الشعبي، ظنا منه أن اللبنانيين المنتفضين على إرث السياسيين ومنظومتهم الفاسدة يمكن أن يسقطوا في التجربة، أي أن يرهنوا إرادتهم للخارج، أيا كان "هذا الخارج"، كل الدول مرحب بها على قاعدة علاقة الند للند، ولا عدو للبنان إلا إسرائيل.

ما بدا لافتا للإنتباه أمس وقاحة المدعو بومبيو، في تصريح تحدث فيه عما يجري في إيران والعراق ولبنان، قائلا: "التظاهرات في بيروت تعكس رغبة اللبنانيين من كل الطوائف، بالإستقلالية، انهم يرون إيران وحزب الله خارج بلدهم".

أخطأت سيد بومبيو، رغبة اللبنانيين أن تبتعد عنهم الولايات المتحدة وإيران معا، أما "حزب الله" فمكون أساس من شعب لبنان، ولست أنت من يقرر أو يحق له إبداء الرأي في موضوع داخلي، ولا يمكن أن تعبر عن أهداف دولتك في وضع اللبنانيين بمواجهة حزب المقاومة، ولا ينسى اللبنانيون أنهم اكتووا بنار الاحتلال الإسرائيلي، و"حزب الله" هو كل اللبانيين بمختلف طوائفهم إن حاولت إسرائيل الاعتداء على لبنان، أما الشأن الداخلي في موضوع "حزب الله" فهو أمر يحدد اللبنانيون بالحوار.

ولا نعلم من جهة ثانية لماذا أفرجت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن مساعدة عسكرية للبنان بقيمة مئة مليون دولار كانت قد جمّدتها من دون إعطاء أي تفسير؟ وقال مسؤول في الكونغرس طلب عدم كشف هويته إن مكتب الإدارة والموازنة في البيت الأبيض قد أفرج عن المساعدة. ولم تكشف إدارة ترامب السبب الذي دفعها إلى تجميد المساعدة العسكرية للبنان.

في كل الأحوال وقاحة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو يقابلها تآمر السلطة، وهي لما تزل تناور كسبا للوقت، علها تنقض على الثورة، ولا تعلم أن ثمة مخاطر من أن يتطور الوضع نحو الأخطر، وعندها نكون كمن يستدعي أكثر من "بومبيو" إلى ساحتنا الداخلية!