التضحية بـ "التيار الوطني الحر" لصالح... جبران باسيل!
سعيد نصر
من بديهيات العمل السياسي المساءلة والمحاسبة، وهذا ما ينسحب على أي حزب سياسي، فمن يتولى مسؤولية لا يمكن أن ينأى بنفسه عن تبعات أوصلت حزبه إلى خسارة الكثير من رهاناته، وأفقدته بعضا من مصداقية وطنية، وهذا حال "التيار الوطني الحر" اليوم، وهو يواجه ما يمكن اعتباره تهورا ناجما عما يمكن اعتباره "مراهقة سياسية" في تجربة رئيسه جبران باسيل وما يمثل من موقع في رحاب السلطة التنفيذية، وزيرا سابقا للطاقة ووزيرا للخارجية فِي ما بعد.
لا نتحدث هنا عن نتائج الانتخابات وفوز "التيار" بنسبة كبيرة من المقاعد، وهذا ما أكدته صناديق الاقتراع ولو عبر قانون انتخاب هجين (أكثري - نسبي) مفصل على مقاس الأحزاب الطائفية، وإنما نتحدث عن عدم قدرة "التيار البرتقالي" على ترسيخ حضوره كقوة سياسية قادرة على الاستفادة من حضورها التمثيلي، فنراه خسر الكثير من الرهانات، ولا سيما في إدارة العديد من الملفات، وأخطرها ملف الكهرباء، وتاليا النفايات فضلا عن ملفات أخرى.
وصل "التيار" إلى القمة انتخابيا، لكن ما إن انتهى الاستحقاق النيابي حتى بدأ بالانحدار، وإلى الآن لم نسمع صوتا معارضا من داخل "التيار" يدعو لمساءلة الوزير باسيل عن مسؤوليته عما آلت إليه أوضاع البلد، خصوصا وأنه يتحمل مسؤولية سياسية ومعنوية، لا على العكس من ذلك تماما، شهدنا مهرجانا نظم تحت عنوان دعم رئيس الجمهورية فيما المقصود منه تعويم باسيل في الاستمرار بقيادة "التيار الوطني الحر".
وإذا ما توقفنا اليوم عند زيارة باسيل لبيت الوسط ولقائه رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري فيبدو أن "التيار" ما زال غير آبه بالتطورات الخطيرة التي يمر بها لبنان، ولا هو في وارد مساءلة ومحاسبة باسيل، علما أن أي تشكيلة حكومية تضم رئيس التيار في رحابها فلن تلقى قبولا شعبيا.
في قراءة سريعة، يبدو أن التكتل النيابي الأكبر في البرلمان يؤثر الانتحار السياسي، طالما أن أحدا لم يجرؤ على المحاسبة، وكأن المطلوب التضحية بالتيار الوطني لصالح جبران باسيل!