من المنصوري في لبنان إلى اليونان... سلاحف البحر تعاني أيضا!
سوزان أبو سعيد ضو
من ألف سلحفاة تفقس على ساحل مدينة "كابريسيا" Kyparissia اليونانية وحول العالم، لا تتمكن إلا واحدة من ألف من العودة بعد نضوجها، أي بعد حوالي عشرين سنة، لتبيض هناك وتعيد دورة الحياة، وهذه إحصائيات عالمية، ووفقا لـ . "منظمة حماية السلاحف في اليونان" Sea Turtle Protection Society of Greece أركيلون ARCHELON ومقرها أثينا.
كيباريسيا
وتتمتع بلدة كيباريسيا Kyparissia الواقعة على الجزء الغربي من جزيرة بيلوبونيز على البحر الأبيض المتوسط، بشاطئ طوله حوالي 44 كيلومتراً (27 ميلاً)، وهي أكبر أرض تعشش فيها سلاحف البحر المتوسط ذات "الرأس الضخم" loggerhead turtle واسمها العلمي كاريتا كاريتا Caretta caretta، حيث يتابع متطوعون عملية فقس أعشاش هذه السلاحف وقد بلغ عددها هذا العام وفقا لـ ARCHELON أكثر من 3700 أعشاش، من 3500 في عام 2018.
وتشكل السياحة، والتغير المناخي ومرتادو الشواطئ والصيادون الذين يضربونها بالمجاذيف والفؤوس لأنها تقطع شباكهم، والأضواء العالية التي تجذب هذه السلاحف الصغيرة بعيدا عن البحر، وتبعد البالغين منها من الوصول إلى الشاطئ لتبيض، بعض هذه المخاطر التي تتعرض لها السلاحف منذ خروجها من بيوضها وحتى بلوغها!
المنصوري
وفي شاطئ المنصوري في جنوب لبنان هذا الموسم، بلغ عدد الأعشاش 13 مقارنة بالعام الماضي وكانت حوالي 24 عشا، وذلك بسبب منتجع غير قانوني مستحدث، أدى إلى عكوفها عن الشاطئ مسقط رأسها، وهذه التهديدات وغيرها التي تتعرض لها هذه السلاحف، وسنعرض المزيد منها في سياق هذا المقال، وقد صنف "الإتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة" International Union for Conservation of Nature IUCN وضعها كضعيف vulnerable.
رحلة حياة
وتبلغ هذه السلاحف عند بلوغها حوالي 20 عاما أو أكثر، ويمكن أن تعيش هذه حتى 80 عامًا، وقد يصل طولها إلى أكثر من نصف متر (20 بوصة) وتزن إلى ما يصل إلى 80 كيلوجرامًا (175 رطلاً إنجليزيا) ولكنها تواجه خطرًا قاتلًا عند الولادة.
وعلى الصغار بعد فقسها تجنب الكلاب وبنات آوى والثعالب والنوارس والحيوانات المفترسة الأخرى للوصول إلى البحر.
وبمجرد دخول مياه البحر، يتوجب على السلحفاة التي يبلغ طولها خمسة سنتيمترات أن تسبح دون توقف لمدة 24 ساعة على الأقل لتعمل رئتيها بصورة جيدة، وأن تجد الطعام، ولكنها قد تقع فريسة لسرطان البحر والسلاحف الأخرى وحتى السلاحف البالغة.
ووفقا لمجموعات بيئية فإن أعداد هذه السلاحف الإجمالية غير معروفة، لكن أعداد تلك الموجودة في المحيط الهادئ والمحيط الهندي قليلة للغاية، في حين أن تدابير المحافظة عليها عززت وجودها في البحر المتوسط.
وقال رئيس مركز إنقاذ السلاحف المصابة في منظمة في ضاحية غليفاذا Glyfada الساحلية في أثينا، وعالم المحيطات ديميتريس فيليتيس Dimitris Fytilis: "يبدو أن أكثر سلاحفنا الإناث تبقى على قيد الحياة وتعود إلى العش حيث فقست لتبيض من جديد".
تغير المناخ
وقد أحدث تغير المناخ القدرة على تغيير التوازن بين الجنسين للسلاحف البحرية، حيث لا يمكن للذكور أن تفقس عندما تتجاوز درجة حرارة العش عن 29.3 درجة مئوية (84.7 درجة فهرنهايت)، وقال فيليتيس في هذا المجال: "هناك بالفعل تأثير في بعض البلدان، في أستراليا على سبيل المثال ،يفقس عدد أكبر من الإناث الآن بسبب ظاهرة الاحتباس الحراري".
وأشار إلى أنه: " يحتوي كل عش إلى ما يصل إلى 120 بيضة ولكن قد يفشل ما يصل إلى خمسها بالفقس".
وقال مركز الإنقاذ إن "أكثر من 600 سلحفاة تنفق في اليونان كل عام، معظمها على الشواطئ ولكن أيضًا في المياه ، محاصرة في الشباك أو بسبب المرض"، وقد عالج هذا المركز أكثر من 1100 سلحفاة مصابة منذ أن بدأ في العام 1994، ويستقبل حوالي 70 حالة جديدة كل عام، إذ تبلع هذه السلاحف خطافات وسنانير الصيد والحطام البلاستيكي ولكن أكثر من نصف إصاباتهم سببها البشر، عادة عن طريق ضربات على الرأس بالمجاذيف والفؤوس، وغالبًا ما يتم إلقاء اللوم على الصيادين لأن إصلاح شبكات الصيد التي تضررت من السلاحف قد يكون مكلفًا.
وتجذب أماكن التعشيش الرئيسية الأخرى خصوصا في خليج لاغاناسLaganas Bay، في زاكينثوس Zakynthos بجزيرة زانتي Zanteالأيونية، مئات الآلاف من السياح سنويًا، وكما هو الحال في الوجهات السياحية الشهيرة الأخرى، ظلت المجموعات البيئية تتنازع على مدار عقود مع الفنادق والمطاعم التي تعارض جهود الحماية، لكن أحد أصحاب الفنادق في هذا المنتجع يقترح أن تقوم المنطقة بتطوير سياحة السلاحف، عبر قارب من قعر زجاجي لمشاهدة السلاحف.
مخاطر ومعاناة جديدة
ما يزيد من مخاوف علماء البيئة تحركات الحكومة المحافظة الجديدة في اليونان لتخفيف القيود البيئية لتشجيع المزيد من الاستثمارات السياحية.
كما أن خطط توسيع التنقيب عن الطاقة في البحر الأيوني وبالقرب من جزيرة كريت أثارت غضب البيئيين.
وقد حذرت كل من "الصندوق العالمي للحياة البرية"World Wildlife Fund: WWF و Greenpeace و Greenpeace الشهر الماضي من أن عقد الإيجار المخطط له والذي تبلغ مساحته 50 ألف كيلومتر مربع للتنقيب عن النفط، من شأنه أن يعرض "وجهات سياحية ، تساهم بمليارات اليورو ومئات الآلاف من فرص العمل في الاقتصاد الوطني للخطر".
وتؤكد Archelon على أن وجود السلاحف هو مؤشر رئيسي لجودة مياه البحر، وحذر فيليتيس:"نحن محظوظون بوجود هذه الموائل، هذا كنز طبيعي، إنه بحاجة إلى الحماية وعدم استغلاله بطريقة سيئة"!
وهذا الأمر يطرح سؤالا، ماذا عن لبنان إن تم استثمار آبار النفط فيه، وآثار هذا الأمر على التنوع البيولوجي والبيئة البحرية، ومنها السلاحف البحرية، فضلا عن التلوث المستشري على شواطئنا؟
عن Phys.org بتصرف