دراسة حديثة: التلوث يعبر المشيمة من الحامل ليصل إلى الجنين!

مشاركة


صحة وجمال

 

رصد وترجمة سوزان أبو سعيد ضو

وجد الباحثون جزيئات ناتجة عن التلوث في الهواء في مشيمة عدد من النساء من جهة الجنين، فقد عثر العلماء على جزيئات تلوث الهواء على جانب الجنين من المشيمة، ما يشير إلى أن الأطفال الذين لم يولدوا بعد يتعرضون مباشرة للكربون الأسود المنبعث من عوادم المركبات وحرق الوقود يمر عبر مشيمة الحوامل بعد أن تتنفسه الرئتين، ليصل إلى الجنين ما قد يتسبب في حدوث مضاعفات أو عيوب خلقية.

وتعد المشيمة مصدر كل من الأوكسجين والمواد المغذية للطفل أثناء وجوده في الرحم، وترتبط بصحة الطفل والأم معا.

 

تلوث الهواء

 

وقد تم إثبات العلاقة بين التعرض للهواء الملوّث والإجهاض المتزايد والولادات المبكرة وانخفاض أوزان المواليد، ويشير البحث الجديد إلى أن الجزيئات نفسها قد تكون السبب، وليس فقط الاستجابة الالتهابية التي ينتجها التلوث لدى الأمهات والأضرار التي تلحق بالأجنة لها عواقب مدى الحياة، وقال البروفيسور تيم نوروت Tim Nawrot من جامعة هاسيلت Hasselt University في بلجيكا، الذي قاد الدراسة: "هذه هي الفترة الأكثر ضعفا في الحياة، كافة أنظمة الجسم في طور التكون، ومن أجل حماية الأجيال المقبلة، يتعين علينا الحد من التعرض للملوثات"، وأكد على أنه على الحكومات تحمل مسؤولية الحد من تلوث الهواء ولكن يجب على الناس تجنب الطرق المزدحمة عندما يكون ذلك ممكنًا.

وخلصت مراجعة عالمية شاملة إلى أن تلوث الهواء قد يلحق الضرر بكل عضو وتقريبا كل خلية في جسم الإنسان، كما تم العثور على الجسيمات النانوية وقد عبرت حاجز الدم في الدماغ، كما تم العثور على المليارات منها في قلوب سكان المدن الشباب.

في حين أن تلوث الهواء يتناقص في بعض الدول، فإن هناك أدلة متزايدة على الضرر الناجم عن التعرض حتى لمستويات منخفضة من التلوث، حيث يعيش 90 بالمئة من سكان العالم في أماكن يكون فيها تلوث الهواء أعلى من معايير منظمة الصحة العالمية.

 

الدراسة

 

ويعد هذا البحث أول دراسة تُظهر أن حاجز المشيمة يمكن اختراقه بواسطة جسيمات تتنفسها الأم، وقد تم العثور على آلاف الجسيمات الصغيرة لكل ملليمتر مكعب من الأنسجة في كل مشيمة تم تحليلها.

والدراسة العلمية التي  نشرت في مجلة Nature Communications ،  شملت فحص 25 مشيمة لنساء غير مدخنات في بلدة هاسيلت، وكان لديهن مستويات تلوث الجسيمات أقل بكثير من حد الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أنها أعلى من حد منظمة الصحة العالمية استخدم الباحثون تقنية الليزر للكشف عن جزيئات الكربون الأسود، والتي لها بصمة ضوء فريدة من نوعها.

في كل حالة، وجدوا جسيمات متناهية الصغر (نانوية) على جانب الجنين من المشيمة والعدد يرتبط بمستويات تلوث الهواء الذي تعرضت له الأمهات، فقد كان هناك ما معدله 20 ألف من هذه الجسيمات النانوية لكل ملليمتر مكعب (2.42 ميكروغرام لكل متر مكعب) في المشيمة للأمهات اللاتي يقطن بالقرب من الطرق الرئيسية، بالنسبة لأولئك اللاتي يعشن بعيدا، كان المتوسط 10 آلاف لكل ملليمتر مكعب (0.63 ميكروغرام لكل متر مكعب).

كما قام الباحثون بفحص مشيمة النساء الناتجة عن الإجهاض، ووجدوا أن هذه الجزيئات النانوية كانت موجودة حتى في الأجنة البالغة من العمر 12 أسبوعا، وفي تقرير قدم للمرة الأولى تم ذكر جزيئات التلوث المحتملة هذه في المشيمة في مؤتمر عُقد في أيلول/سبتمبر 2018، على الرغم من عدم تأكيد تركيبة الجزيئات.

وقال نوروت إن اكتشاف الجسيمات على جانب الجنين من حاجز المشيمة يعني أنه من المرجح أن تكون الأجنة قد تعرضت لها، ويتابع البحث الآن بتحليل دم الجنين بحثًا عن هذه الجسيمات، وكذلك البحث لمعرفة ما إذا كانت الجسيمات تتسبب بتلف الحمض النووي.

ووصف أحد الخبراء، الذي لم يشارك في الدراسة، النتائج بأنها "مصدر قلق" قائلا إنه يجب إجراء المزيد من الأبحاث لفحص آثار التلوث على الأجنة.

وجد الفريق أيضًا جزيئات الكربون الأسود في بول أطفال المدارس الابتدائية. وجدت الدراسة ، التي نشرت في عام 2017 ، ما معدله 10 ملايين جزيء لكل مليلتر في دماء مئات من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 إلى 12 عامًا. وقال نوروت: "إنه يظهر أن هذا يظهر أن هناك انتقال للجزيئات من الرئتين إلى جميع أجهزة الأعضاء".

وقال: "من الصعب حقًا تقديم المشورة العملية للناس ، لأن على كل شخص أن يتنفس، لكن ما يمكن للناس فعله هو تجنب الطرق المزدحمة قدر الإمكان، يمكن أن يكون هناك مستويات عالية جدًا بجانب الطرق المزدحمة ، ولكن على بعد أمتار قليلة يمكن أن يكون أقل".

ومن المعروف أن الكربون الأسود الناجم عادة عن حرق الوقود الأحفوري مثل الديزل والبنزين والخشب والفحم والذي يشكل معظم تلوث الهواء.، ضار بالأنسجة البشرية، حيث تربط العديد من الدراسات الهواء الملوث بأنواع مختلفة من السرطان، إلى جانب إلحاق الضرر بالقلب والدماغ والرئتين والخصوبة.

كما ووفقا لأحد الخبراء، يرتبط تلوث الهواء بارتفاع ضغط الدم وحتى النوبات القلبية أثناء الحمل على وجه التحديد.

وكتب الدكتور تيم نوروت وزملاؤه، من جامعة هاسلت: "دراسات مختلفة وصفت بالفعل الارتباط بين التعرض لتلوث الهواء المحيط قبل الولادة والمواليد الضعيفة (مثل انخفاض الوزن عند الولادة أو الولادة قبل الأوان وتقييد النمو داخل الرحم".

ولم يكن واضحا من السابق كيفية تأثير الهواء الملوث على الأجنة، إلا أن نتائج الدراسة الجديدة قد تقود الباحثين إلى إجراء المزيد من الدراسات للتوصل إلى آلية وصول الجزيئات السامة إلى المشيمة، ما يمكن أن يساعد في الحفاظ على حمل سليم وعلى صحة الأم والطفل.

 

المصدر: ديلي ميل، الغارديان

 







مقالات ذات صلة