دراسة حديثة... حيوانات المياه العذبة الضخمة على حافة الإنقراض!

مشاركة


البيئة تنوّع بيولوجي

 

 

رصد وترجمة: سوزان أبو سعيد ضو

تتعرض المياه العذبة أو "الحلوة" في العالم للكثير من التعديات، التي تطاول الأنهر والبحيرات والينابيع والآبار والسواقي، فبالإضافة إلى التلوث والإستهلاك المفرط لهذه المياه، تشكل السدود تهديدا كبيرا لنوعية هذه المياه، وتغييرا جذريا لموائل الكائنات الحية، لا سيما للحيوانات الكبيرة التي تتواجد في هذه المسطحات المائية العذبة، وقد وجدت دراسة حديثة أنها على شفا الإنقراض.

فقد أورد موقع "الغارديان" دراسة أجراها مجموعة من الباحثين من ألمانيا والمملكة المتحدة والنمسا والولايات المتحدة، ونشرتها دورية "غلوبال تشينج بيولوجي"  Global Change Biology العلمية يوم الجمعة، أن أعداد الكائنات الضخمة في المياه العذبة تشهد انخفاضا حادا في كافة أنحاء العالم.

مقدمة الدراسة

وجاء في مقدمة الدراسة أن "أنظمة المياه العذبة البيئية تعتبر الأكثر تنوعا وفي الوقت عينه، الأكثر عرضة لأخطار متعددة، فضلا عن الإهمال لجهة البحث العلمي المستفيض حول تأثر هذه الكائنات بالتهديدات الموجودة لجهة الأعداد والأنواع، وتعاني الفقاريات المتنوعة في المياه العذبة من انخفاض حاد بالمقارنة مع تلك الموجودة في البحار والمحيطات أو على اليابسة، كما وأن الفقاريات الضخمة والتي يزيد وزنها عن 30 كيلوغراما هي الأكثر عرضة للإنقراض وأنه بين الأعوام 1970 و2012، سجل هذا الإنخفاض نسبة تصل إلى 88 بالمئة، ويشهد هذا المعدل ارتفاعا بين 97 و99 بالمئة في منطقة الملايو الهندية Indomalaya  والعوالم القديمة Paleoarctic ،  وأكثر المجموعات والفصائل Taxonomic groups تعرضا  للإنقراض حول العالم، كانت الأسماك الكبيرة وبمعدل 94 بالمئة، خصوصا وأن أعداد وأنواع هذه الكائنات وتوزعها بين القارات وعلى مستوى العالم، تبقى غير واضحة، وفي دراستنا هذه، قمنا بجمع معلومات وتوزيع 126 نوعا من الكائنات الحية الضخمة Megafauna من 72 بلدا حول العالم، و44 نوعا مستوطنا في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية باعتماد قاعدة معلومات من Living Planet Index والمقالات العلمية المتوفرة".

أنواع منقرضة وعلى حافة الإنقراض

واعتبرت الدراسة بعض الأنواع الضخمة منقرضة، وعلى سبيل المثال، "دولفين نهر يانغ تزي" Yangtze River Dolphins، وأخرى على حافة الإنقراض مثل "سمكة سلور ميكونغ العملاقة" Mekong giant catfish، "ستينغ راي" أو "لادغة" المياه العذبة Freshwater Stingray، تمساح "غاريال" Gharial الهندي، وأسماك "الحفش" Sturgeon الأوروبية، ومن المعروف أن ثلاثة فقط من السلاحف الصينية العملاقة لينة الأصداف  Chinese giant softshell turtlesبقيت على قيد الحياة، وكلها من الذكور، وفي كافة أنحاء أوروبا وشمال إفريقيا وآسيا ، انخفض أعداد هذه الكائنات العملاقة بنسبة 97 بالمئة منذ العام 1970.

       ويعتبر العديد من هذه الكائنات أنواعا أساسية في نظمها الإيكولوجية، مثل القنادس Beavers، وقال الباحثون إن فقدانها سيكون له تأثير على كافة الحيوانات والنباتات وعلى ملايين كثيرة من الناس الذين يعتمدون على المجاري المائية لكسب عيشهم.

وقال زيب هوغان Zeb Hogan من جامعة نيفادا بالولايات المتحدة والذي شارك في فريق البحث: "إن النتائج بمثابة تنبيه لنستيقظ جميعا بشأن مأساة انقراض هذه الأنواع"، وأضاف: "الكثير منها معرض لخطر الانقراض، وجميعها تقريباً بحاجة إلى مساعدتنا، إنه سباق مع الزمن، لمعرفة ما يمكن فهمه عنها وحمايته قبل فوات الأوان".

نهر الميكونغ

ويعتبر نهر "الميكونغ" Mekong في جنوب شرق آسيا، موطنا لأنواع الأسماك العملاقة أكثر من أي نهر آخر على وجه الأرض، وقد عمل هوغان هناك منذ عقدين، لكنه قال إن عدد هذه الأسماك قد انخفض إلى الصفر تقريبًا، حيث ساهمت أعداد البشر المتزايدة بسرعة في الضغط عليها وانقراضها.

ويعد "الميكونغ"  أيضًا موطنًا لأكبر سمك السلور catfish في العالم، حيث يبلغ وزن بعضها حوالي 300 كيلوغرام (661 رطل إنجليزي)، وأكبر أنواع سمك الشبوط carp وسمك اللادغة stingray في المياه العذبة. وقد تم تصنيفها الآن على أنها مهددة بالانقراض، أو على بعد خطوة واحدة من الانقراض.

لكن الفقدان السريع في الأسماك العملاقة، أي تلك التي تزن أكثر من 30 كيلوجرام (66 رطلاً) - يحدث في كافة أنحاء العالم، ويقول الباحثون في الدراسة، "لقد تم صيد سمك الحفش الأوروبي الذي كان شائعًا جدًا من كافة الأنهار الأوروبية الرئيسية، باستثناء نهر (غارون) Garonne في فرنسا" ، ما يعني أن مداها وموائلها تقلصت بنسبة 99 بالمئة.

أضرار السدود

وفقد القندس الأوراسي Eurasian beaver، وهو مهندس بيئي حيوي، أكثر من نصف مجموعته السابقة، على الرغم من إعادة إدخاله في المملكة المتحدة وجمهورية التشيك وإستونيا وفنلندا وأماكن أخرى.

قال الباحثون إن التصاعد المتوقع للمخاطر التي تواجه الأسماك الضخمة في أحواض الأنهر مثل الأمازون والكونغو وميكونغ، وذلك بسبب الطفرة في بناء سدود الطاقة الكهرومائية أمر مقلق للغاية، وعادة ما تحتاج الحيوانات الكبيرة إلى نطاقات كبيرة، وتسد السدود طرق الهجرة والوصول إلى مناطق التغذية، خصوصا وأن ثلثي الأنهر الكبرى في العالم لم تعد تتدفق بحرية.

وتتناقص حيوانات المياه العذبة بشكل أسرع بكثير من الحيوانات البرية، كما أن فقد الحيوانات الضخمة في الأنهر والبحيرات يهدد المخلوقات والنباتات الأصغر حجما، ويتسبب تعطل السلاسل الغذائية الحساسة المختلفة بحدوث أضرار، كما يتسبب فقدان البرك التي تنشئها القنادس والتماسيح بهذا الأمر.

حالات إيجابية

ومع ذلك، تشير الدراسة الجديدة إلى بعض النجاحات قد سجلت نتيجة لجهود الحفظ المستمرة، بما في ذلك الزيادات في أعداد نوعين من سمك "الحفش" في الولايات المتحدة، "القندس الأميركي" و"دولفين نهر إيراوادي" الآسيوي - على الرغم من أن الأخير لا يزال مصنفًا على أنه ضعيف Vulnerable.

كما حذر الباحثون من أن "فقدان التنوع البيولوجي هو أحد أكبر التحديات التي تواجه كوكبنا، ما يؤدي إلى تآكل خدمات وفوائد النظم البيئية أو الإيكولوجية (مثل الغذاء والمياه النظيفة) وتهديد رفاهية الإنسان".

تهديدات مختلفة

وأشارت الدراسة إلى  أن الاستهلاك المفرط، كان التهديد الرئيسي لحيوانات المياه العذبة العملاقة، والتي غالبا ما يتم استهدافها من أجل لحومها أو جلودها أو بيوضها، كما ساهم التلوث في القضاء على الكثير منها.

وأشارت إلى أن الانخفاض في أعداد أنواع الأسماك الضخمة يرجع أيضا إلى فقدان الأنهار حرية التدفق كممرات لوضع البيض وتغذية الأراضي والتي غالبا ما تتوقف بسبب السدود.

ويعتقد بعض العلماء أن الأرض هي في بداية انقراض جماعي سادس  sixth mass extinction للحياة، وهي المرة الأولى التي يمكن أن تنتج عن نوع وحيد وهو البشر، وليس تغييرات فيزيائية على الكوكب، وفي شهر أيار/مايو الماضي، حذر تقرير علمي تاريخي من أن إبادة الحياة البرية يؤدي إلى تآكل أسس الاقتصادات، وسبل العيش، والأمن الغذائي، والصحة، ونوعية الحياة في كافة أنحاء العالم.

بتصرف عن:  Global Change Biology، The Guardian.







مقالات ذات صلة