واحد من أربعة أنواع قد ينقرض بسبب تغير المناخ... هل يكون الإنسان واحدا منها؟

مشاركة


البيئة تنوّع بيولوجي

 

رصد وترجمة: سوزان أبو سعيد ضو

 

في مقابلة للصحافية  البريطانية كريستين رو لصالح موقع BBC مع عالمة بيولوجيا النبات جولي غراي Julie Gray من جامعة شيفلد The University of Sheffield البريطانية حول الأنواع التي قد تنجو من الإنقراض نتيجة تغير المناخ وتحدياته، أجابت ضاحكة "قد لا يكون الجنس البشري واحدا منها"، وعللت ذلك بأن الإنسان قد ينجب طفلا أو إثنين في المرة الواحدة، كما هو الحال مع الباندا، بالمقابل فنجاح بعض الأجناس هي التي تنتج عددا كبيرا من الصغار.

التقرير الصادم

ولفتت رو إلى أن "التقرير الصادم مؤخرا والصادر عن the Intergovernmental Science-Policy Platform on Biodiversity and Ecosystem Services (IPBES)، بأن نوعا من أربعة أنواع من الكائنات الحية معرض للإنقراض، فإن فكرة مناقشة الأنواع التي تكون أكثر أو أقل قدرة على النجاة نتيجة تغير المناخ، هو أمر للأسف ملموس ومثير للقلق، ويرتبط الكثير من أوجه الضعف لهذه الأنواع بتغير المناخ، الذي يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع مستوى سطح البحر، وظروف أكثر تقلبًا، وظروف جوية أكثر قسوة ، من بين تأثيرات عديدة أخرى".

وتتابع رو: " بعض المحاذير في محلها، على الرغم من أن خطورة تغير المناخ لا يمكن إنكارها، إلا أنه من المستحيل معرفة بالضبط كيف ستؤدي هذه الآثار إلى تعرض الأنواع للخطر، خصوصا في المستقبل البعيد، وتتطور طرق التنبؤ بضعف بعض الأنواع، على الرغم من أن البيانات محدودة وغير متناسقة إلى حد بعيد، بالإضافة إلى التفاعلات المعقدة للسياسات المختلفة، وتغيرات استخدام الأراضي، والتأثيرات البيئية المتغيرة، ما بعني أن الإسقاطات لم يتم نقشها على الحجر، وعرضة لكثير من التغيرات، لقد كانت تقييمات القابلية للتأثر بتغير المناخ منحازة وغير دقيقة (مثلما يفعل البشر بشكل أعم)، علاوة على ذلك، فإن الآثار غير المباشرة المسؤولة عن العديد من تأثيرات تغير المناخ على السكان، كما هو الحال في السلسلة الغذائية، تكون أكثر تعقيدًا من التأثيرات المباشرة".

القدرة على التكيف

وتابعت رو: " هناك مصدر آخر لعدم اليقين يتعلق بقدرة أشكال الحياة على التكيف، خذ ectotherms (الحيوانات ذات الدم البارد مثل الزواحف والبرمائيات)، والتي كانت تاريخيا أبطأ للتكيف مع التغير المناخي من endotherms (ذوات الدم الحار)، لسبب واحد، فهي أقل قدرة على ضبط درجات حرارة أجسامها، ولكن هناك استثناءات، مثل الضفدع الأميركي، والذي في الواقع قد يجد بيئات أكثر ملائمة للسكن نتيجة الاحترار المناخي، ولكن بالطبع، هناك بديل: فنحن البشر يمكن أن نوحد الجهود، ونعمل على منع أزمة المناخ من الاستمرار إلى كرة ثلج، من خلال تبني سياسات وأنماط الحياة التي تقلل من غازات الدفيئة، ولكن لأغراض هذه التوقعات، فسنفترض أن هذا لن يحدث".

اتجاهات عنيدة

وقالت رو: "حتى مع عدم اليقين ، يمكننا أن نتقدم ببعض التخمينات العلمية حول الأنماط العريضة، فمن المرجح أن تعيش النباتات المقاومة للحرارة والجفاف، مثل تلك الموجودة في الصحاري بدلاً من الغابات المطيرة. وكذلك النباتات التي يمكنها تشتيت بذورها على مسافات طويلة، على سبيل المثال عن طريق التيارات الهوائية أو المحيطية (مثل جوز الهند)، وليس عن طريق النمل (مثل بعض الأكاسيا). النباتات التي يمكنها ضبط أوقات ازهارها، قد تكون أيضًا أكثر قدرة على التعامل مع درجات الحرارة المرتفعة"، وتقترح جينفر لاو Jennifer Lau، عالمة الأحياء بجامعة إنديانا بلومنغتون  Indiana University Bloomington، أن "هذا الأمر قد يعطي بعض النباتات غير الأصلية ميزة عندما يتعلق الأمر بالاستجابة لتغير المناخ".

وأضافت رو: "يمكننا أيضا أن ننظر إلى التاريخ كدليل، يحتوي السجل الأحفوري على علامات عن كيفية تعامل الأنواع مع التحولات المناخية السابقة، هناك دلائل وراثية على البقاء طويل الأجل أيضًا، كما هو الحال في الطحالب الخضراء المقاومة hardy green microalgae التي تكيفت مع بيئات أكثر ملوحة على مدى ملايين السنين، وهو اكتشاف تم التوصل إليه فقط في أيلول/سبتمبر 2018 من قِبل فاطمة فوكلنكر Fatima Foflonker وزملاؤها من معهد روتغرز".

وخلصت رو إلى أنه "من المهم أن الطبيعة المدمرة الفريدة لأزمة المناخ الحالية التي من صنع الإنسان تعني أنه لا يمكننا الاعتماد بشكل كامل على معايير من الماضي"، وأضافت: "إن تغير المناخ الذي نراه في المستقبل سيختلف بعدة طرق عن تغير المناخ الذي رأيناه في الماضي، كما لحظ جيمي كار Jamie Carr ، مسؤول التواصل في المجموعة المتخصصة في تغير المناخ التابعة للجنة بقاء الأنواع التابعة لـ (المنظمة العالمية لحماية الطبيعة) IUCN".

عناد الصراصير

وأعطت رو مثالا قدمته أسميريت أصفو بيرهي Asmeret Asefaw Berhe، عالمة الكيمياء الحيوية في التربة بجامعة كاليفورنيا – ميرسيد UC Merced "إن السجل التاريخي لا يشير إلى (قدرة) و(عناد) Tenacity أنواع الصراصير، فهذه المخلوقات غير المحبوبة إلى حد كبير نجت من كل حدث انقراض جماعي في التاريخ حتى الآن، فقد تكيفت الصراصير مع أستراليا القاحلة بشكل متزايد، منذ عشرات الملايين من السنين، من خلال البدء بإنشاء جحور في التربة".

واقتبست رو مداخلة لـ روبرت ناسي Robert Nasi، المدير العام للمركز الدولي للبحوث الحرجيةCenter for International Forestry Research (CIFOR) وقال "هذا يظهر سمتين: القدرة على الاختباء والحماية في ظروف مؤقتة (على سبيل المثال تحت الأرض)، وتاريخ تطوري طويل ، كما هو الحال عمومًا في الأنواع القديمة، التي تبدو  أكثر مرونة من الأنواع  (الأصغر سنا في التاريخ الجيولوجي)"، ويقول Nasi ""هذه هي من بين السما:ت التي، مرتبطة بالبقاء على قيد الحياة بعد وقوع الأحداث الكارثية الكبيرة التي أدت إلى تغييرات كبيرة في المناخ".

الكوالا وتحديات عديدة

وأشارت رو إلى أن " الصراصير تميل أيضًا إلى ألا تكون من الصعب إرضاءها لجهة الغذاء، فهي تأكل ما تستطيع الحصول عليه، فاتباع نظام غذائي بشكل واسع، يعني أن التغير المناخي سيكون أقل تهديدًا لمصادر الغذاء الخاصة بالأنواع، مثل الفئران والطيور الانتهازية وحيوانات الراكون الحضرية، فعلى سبيل المقارنة، لنأخذ حيوانًا مثل الكوالا، يأكل الكوالا بشكل أساسي أوراق الكينا، التي أصبحت مغذية بصورة أقل بسبب زيادة مستويات ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، نتيجة لذلك، يزيد تغير المناخ من خطر المجاعة".

وبالنسبة لهذا المجال يتابع كار "بالإضافة إلى اتباع نظام غذائي متخصص، تتميز الكوالا بتنوعها الوراثي المنخفض وهو أحد الأسباب التي جعلت طفيل الكلاميديا ​​يبيد مجموعات من الكوالا البرية، هذه هي السمات المثيرة للقلق من حيث خطر الانقراض، وفي كثير من الحالات، فإن الأنواع المتخصصة هي تلك التي نتوقع رؤيتها تختفي أولاً". ويمتد هذا إلى الأنواع في الأحياء الدقيقة مثل غابات الجبال Montane عالية الارتفاع، أو تلك الموجودة في نطاقات ضيقة، مثل بعض الطيور الاستوائية أو النباتات الصغيرة في الجزر، كما أن الأنواع التي تعتمد على البيئات البكر عرضة أيضا للإنقراض".

وفي هذا السياق قالت جيسيكا هيلمان Jessica Hellmann، التي تدير معهد البيئة Institute on the Environment بجامعة مينيسوتا University of Minnesota، لرو: "بالمقارنة مع الأنواع المتعاقبة المبكرة التي تنجح في الموائل المضطربة، مثل الأراضي العشبية والغابات الصغيرة، فإن هذه الأنواع قد تنجح بشكل جيد في ظل تغير المناخ، لأنها تزدهر في حالات التغيير والانتقال، وعلى سبيل المثال، تعد الغزلان (في الولايات المتحدة) شائعة في مناطق الضواحي وتزدهر حيث تمت إزالة الغابات أو يتم إزعاجها بانتظام."

ووفقا لـ"كار" فإنه "من المرجح أن تكون الأنواع التي يسميها كار (الأنواع العامة المتحركة) mobile generalists ، والتي يمكنها التحرك والتكيف مع بيئات مختلفة، أكثر دواما في مواجهة تغير المناخ، في حين أن هذه القدرة على التكيف إيجابية بشكل عام، إلا أنها قد تكون مكلفة لأجزاء أخرى من النظام البيئي، فقد أدت الأنواع الغازية مثل ضفادع القصب Cane toad، وهي سامة، إلى انقراض أنواع محلية أخرى مثل الكولس Quoll (وهو نوع من اجرابيات آكلة اللحوم) ونوع من السحالي الكبيرة Monitor lizard في أستراليا"، ويقول هيلمان إن "تنوع الأنواع النباتية الغازية يؤدي إلى القلق، بالإضافة إلى مساهمته في فقد الأنواع المعرضة للخطر، سيكون العالم الأكثر دفئًا عالمًا أكثر ثراءً في الأعشاب، وقد تكون هذه الأعشاب والتي تتواجد عادةً على جوانب الطرق طويلة الأمد بشكل خاص مقارنة بالنباتات الأخرى".

وأرفقت رو أمثلة مثل البكتيريا التي تعيش في الينابيع الناتجة عن البراكين وتتحمل درجات الحرارة العالية، ويمكنها التأقلم، ولحظت أن معظم العلماء أجمعوا أن معظم الكائنات الحية المقاومة والتي تتحمل معظم النظم البيئية هي من الميكروبات،"فلن يكون هناك بيئات أكثر تطرفًا في المستقبل فحسب، بل سيكون هناك أيضًا المزيد من المساحات الحضرية التي غيرها الإنسان"، يقول Arvin C Diesmos، المنسق المتخصص في علم الزراعة في المتحف الوطني الفلبيني للتاريخ الطبيعي، ويلخص ناسي من CIFOR الأمر: "ستكون الأنواع الناجية صغيرة جدا في الحجم، ومن ذوات الدم الحار إن كانت من صغار الفقاريات، وشديدة القدرة على التكيف، أو النهمة وتستطيع أن تتغذى على أغذية متنوعة أو قادرة على العيش في ظروف قاسية، ولا يبدو العالم جميلا للغاية في المستقبل!".

المصادر: BBC، Phys.org







مقالات ذات صلة