وسط ردود رسمية وقانونية رفضاً لمضمونه...الاردنيون يستقبلون مسلسل "جن" بالتنمر!

مشاركة


منوعات

 

 

*سلام ناصر

أثارت الحلقات الأولى من مسلسل "جن" الذي صوِّرَ بالأماكن الأثرية في الأردن جدلاً واسعاً عبر مواقع التواصل الإجتماعي، فحرّكت الهيئات الرقابية المسؤولة على المستوى الرسمي. علماً أنه المسلسل الأصلي الأول الناطق باللغة العربية من إنتاج شبكة "ننفليكس" Netflix العالمية التي تابعت بأسف حملة التنمّر التي شنّها الأردنيون ضد المسلسل بعيد انطلاق عرضه، والتي طاولت الممثلين وصنّاعه بكلامٍ جارح، حيث أصدرت بياناً أكدت فيه أنها "لن تتهاون مع التصرفات والألفاظ الجارحة بحق طاقم العمل". وأوضحت أنها "تحاول تقديم المحتوى ضمن أطر التنوع والشمولية وتعمل لتوفير مساحة آمنة لكل محبي المسلسلات والأفلام حول المنطقة".

وأردفت عاتبة بتغريدتها: "إذا كانت هناك أي أسئلة أو تعليقات على المحتوى فيمكن التواصل مع قنواتنا بشكلٍ مباشر".

وقالت "تابعنا بكل أسف موجة التنّمر الحالية ضد الممثلين وطاقم العمل في مسلسل (جِنّ) ونعلن أننا لن نتهاون مع أي من هذه التصرفات والألفاظ الجارحة لطاقم العمل. موقفنا لطالما كان متمركزاً حول قيم التنوّع والشمولية ولذلك نحن نعمل على توفير مساحة آمنة لكل محبّي المسلسلات والأفلام حول المنطقة".

 

النقابة

من جهتها، أصدرت نقابة الفنانين الأردنيين بياناً حول محتوى المسلسل رافضة "استغلال بعض الشركات لمواقع التصوير التاريخية وتشويه الصورة المثلى لإرث الأردن الحضاري"، معتبرة أن (جن) "يتنافى مع القيم العربية والإسلامية وينتهك حرمة المكان وعمقه التاريخي، في مدينة البترا، وسواها من أرض الأردن".

 

هيئة الاعلام

 

وأكدت هيئة الإعلام أن "المسلسل لا يدخل ضمن صلاحياتها كاطلاع ورقابة على السيناريو وغيره من الأمور الفنية والتقنية لجهة الإعداد والإنتاج والتمثيل والإخراج وفقاً لأحكام قانون الإعلام المرئي والمسموع النافذ"، مشيرةً الى أن "دورها في موضوع الرقابة على محتوى الأفلام والبرامج والمسلسلات وغيرها من المواد المنتجة يقتصر على ما يتم عرضه على التلفزيونات ودور السينما المحلية، وبالتالي فإن صلاحيات الهيئة وفق القانون لا تخولها الرقابة على محتوى المواد والبرامج التي يتم انتاجها وعرضها على وسائل التواصل الاجتماعي".
وأكدت على أنه "تبعاً لمسؤوليتها الوطنية، وطالما أن المشاهد وصلت لعلم مديرية المتابعة لديها، فإنها ستتابع مع الجهات ذات العلاقة لمنع عرض مثل هذه المشاهد داخل الاردن سواء مع الهيئة الملكية للأفلام، ومع اي جهة فنية مختصة أخرى".

 

مفوضية سلطة إقليم البترا

 

من جهة ثانية، أوضحت "مفوضية سلطة إقليم البترا التنموي السياحي"، أنها "تدعم النشاطات والفعاليات الفنية والثقافية التي تُعزز حضور البترا كموقع تراث عالمي، ووجهة سياحية للزوار محلياً وعربياً واقليمياً ودوليا، إلا أنها تحرص على عدم تعارض هذه النشاطات مع العادات والتقاليد والقيم العربية والإسلامية بأي حالٍ من الأحوال".

وأكدت بخصوص مسلسل "جنّ" أن "تصوير أي عمل تلفزيوني أو سينمائي يخضع لموافقات مسبقة من خلال الهيئة الملكية للأفلام، وبكتب العقود الرسمية مع تعهد الجهة المعنية بالتصوير بعدم التجاوز أو عرض أي محتوى غير لائق، وعليه، فإن السلطة ستتخذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق المسؤولين عن هذا العمل ومخالفتهم الصريحة  في الإساءة إلى المجتمع الأردني ممثلاً بمدينة البتراء بما تم عرضه من محتوى يتنافى مع ما نتمسك به من الثوابت الوطنية القائمة في أصلها على الروح العربية والقيم الاسلامية الأصيلة".

هذا وشكّل رئيس السلطة" الدكتور سليمان الفرجات لجنة تقصي حقائق عاجلة لتتخَذ أقصى العقوبات بحق المقصرين


توضيح من الهيئة الملكية الأردنية للأفلام

 

وأطلقت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام بياناً توضيحياً حول دورها في مسلسل "جنّ من إنتاج "نتفليكس" ونشرته على موقع التواصل الإجتماعي "تويتر" جاء فيه:

1- لا بد من توضيح مرة أخرى دور الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، فحسب قانون انشائها، يكمن دور الهيئة في تشجيع الإنتاج المحلي واستقطاب الإنتاج الأجنبي في البلد وتسهيل التصوير، لا يوجد في نص القانون أي مهمة رقابية للهيئة، وبالتالي لا ننظر في النص أو السيناريو، لكن هذا لا يعني أننا نتنصل من مسؤولياتنا بل أننا نلتزم بالمهام المناطة بنا، وهذا لا يعني أيضا أن الهيئة تؤيد أو تشجع أو تحبذ أو توافق على مضمون الفيلم أو المسلسل.

2- مسلسل "جن" يعرض على "نتفليكس" وهي منصة عالمية متواجدة في 90 بلدا، لا يمكن مشاهدة أي محتوى عليها لغير المشترك بها وبعد قيامه بتسديد رسوم الاشتراك، وبالتالي هي ليست منصة مفتوحة، بل لكل فرد الخيار في الاشتراك بها أم لا.

3- اللافت أن ثمة مطالبات بمزيد من الحريات والخيارات الشخصية، لكن عندما نواجه حالات كهذه، ينسى البعض هذه المطالب، ففي نهاية المطاف هذه قضية خيار شخصي لمشاهدة أو عدم مشاهدة عمل قد لا نتفق على محتواه.

4- ثمة تباين كبير في ردود الفعل والتعليقات على مسلسل "جن" بين مؤيد ومعارض داخل المجتمع الأردني، فهناك من هاجمه بشدة لجرأته وتخطيه بعض الخطوط الحمراء، فيما البعض الآخر رأى انه يحاكي واقع فئة عمرية معينة من بيئة معينة في عمان، وهذا التباين يعكس تعددية المجتمع الأردني بمختلف أطيافه وهي تعددية إيجابية.

5- لا بدّ من التذكير أن المسلسل قصة خيالية وليس بوثائقي، وبالتالي لا يعكس بالضرورة الواقع ولا حتى جزءا كبيرا منه.

6- اللافت أيضا أن الكثير من الذين علقوا على مسلسل "جن" لم يشاهدوه أساسا. بعضهم اكتفى بمتابعة مقتطفات فقط منه ممنتجة بطريقة مضللة.

7- نتابع ردود فعل وتصريحات الجهات الرسمية والشبه الرسمية في البلد. نأخذها محمل الجد ورفعناها إلى مجلس مفوضي الهيئة ليدرسها ويردّ عليها كما يراه مناسبا.

 

نبذة:

تبدأ أحداث المسلسل من أمام مدرسة ثانوية لطلبة من طبقات راقية يتجهون إلى مدينة البتراء الأثرية جنوبي الأردن، حيث يكتشفون جنياً في المدينة القديمة، وتستمر بقصة مجموعة من الشباب العرب الذين سيواجهون امتحاناً صعباً مع الوفاء للعلاقات الرومانسية، الودية والصداقات حين تصبح حياتهم على المحك مع استحضارهم للقوى الخارقة من الجن. 

ورغم الإشادة التي تلقاها المسلسل من قبل البعض الذين ركزوا حصرا على المستوى الفني للعمل، يبدو أن سير أحداثه في عالم الخيال، وعمق مشاهده العاطفية التي لم تخلُ من العلاقات الجنسية بين الأبطال قد أقلقت المجتمع الأردني غير المعتاد على مشاهدة هذه الصورة الجريئة مع سماع الألفاظ النابية بلهجته المحلية على شاشات السينما، الأمر الذي دفع الأردنيين لإطلاق حملة تنمّر عبّرت عن استيائهم من مضمون المسلسل ومشاهده الغريبة عن مجتمعهم وعاداتهم.

في المحصلة يبقى السؤال البديهي: هل تدخل منصة "نتفليكس" تلقائياً على البيوت الأردنية وتقتحم شاشات التلفزة، أم أن المشتركين يتابعون برامجها بإرادتهم؟ أتراهم يتقبلون هذه المشاهد بجرأنها لو صوِّرَت خارج الأردن؟ أم سيردعون أنفسهم عن المتابعة انطلاقاً من قيمهم؟

في المقاربة الواقعية للأمور، يخضع كل عمل فني أو برنامج يُعرض للمشتركين عبر الإنترنت للنظم الدولية التي تحكمه، وبالدرجةِ الأولى لرغبة المشترك بمتابعته من عدمه. وعليه، فإن كل الضجة المثارة حول المسلسل تخرج عن الواقعية بكون المسلسل لا يناقش بيئة الأردن المحلية ولا ينقل هذه المشاهد على أنها حقائق من واقع مجتمعه المحافظ، وبالتالي، يبقى الحكم الأعلى للمناقبية التي تردع الشخص من متابعة ما يرفضه بعقله أو قناعاته الدينية، تماماً كمن يرى المغريات فينجح بالابتعاد عنها، أو تنتصر عليه فتجذبه!

*صحافي لبناني







مقالات ذات صلة