ثورة تخزين الطاقة...تقلب الطاولة على بلدان البترول!
*حيدر حرز يوسف
في حالة جريئة وفريدة من نوعها في سياسات ادارة الطاقة حققت الابحاث العلمية التطبيقية حلما يراود الملايين، ووضع الحلقة المفقودة من انتاج الطاقة في مكانها للتخلص من عبودية الحاجة الى الغير في توفير الطاقة وجعلها سلعة قابلة للتخزين من مصادر متاحه بالمجان، حيث ان هذا الامر كفيل بتغيير المشهد العالمي للطاقة من خلال القضاء على التبعيات الإستراتيجية المزعجة، والتي تقض مضجع أعظم دول العالم وأكبرها، فتأثير التخزين سيكون أقوى في المناطق التي تعتمد على الوقود الأحفوري في مواردها من غيرها.
سوف تنتشر تقنية تخزين الطاقة بالتساوي في كافة أنحاء العالم، وبالطبع سيكون هذا الأمر مهمًا في كل مكان، لأنه يمكن أن يساعد بشكل كبير كافة المواقع على تحقيق الاكتفاء الذاتي بفضل طاقاتها المتجددة وسيكون التأثير الجيوسياسي لمثل هذا التطور محسوسًا بدرجة أكبر، عندما تكون التبعات الجيوسياسية على العلاقات التجارية للوقود الأحفوري، وممكن أن يشكل فقدان الإيرادات خلال فترات انخفاض أسعار النفط، تحديا لبلدان معتمده كليا على ايرادات البترول والشركات الخاصة به أيضا، حيث ان الانتقال إلى الطاقة المتجددة ينهي هذا القلق، لان الطاقة المتجددة لا تتقلب اسعارها مثل تقلبات أسعار النفط، كون الاعتماد سيكون على تصدير التكنولوجيا فقط، وليس تصدير الوقود كما يحدث الان، وستواجه الدول المعتمدة على الوقود الأحفوري تحديات مشابهة لتلك التي سبق لها التغلب عليها، لكن في هذه المرحلة الانتقالية للطاقة، قد تكون هذه التحديات بلا هوادة وقد تضطر الدول المتأثرة إلى الاقتراض أكثر، وبناء على ذلك ستتشكل مشاكل مالية متشعبة، ومن المرجح أن ترتفع التوترات الاجتماعية والأيديولوجيات البديلة وتشكل تحديًا أكبر للدول، والتي ستواجه صعوبة أكبر في الحفاظ على أمنها دون إيرادات ضخمة من صادرات الوقود الأحفوري.
الدور الجديد لمشغلي الشبكات
من الناحية الأمنية ، يعتبر مشغلو الشبكات وموزعو الطاقة من الأصول القومية، إذا كان التخزين فعالًا من حيث التكلفة على نطاق صغير، فإن الكميات الكبيرة من سعته، ستقلل من الحاجة إلى نقل الكهرباء وستكون لمشغلي الشبكات، في أحسن الأحوال، نفس المستوى من الأهمية اليوم، في هذا السيناريو، قد يرتبط فقدان الأهمية لمشغلي الشبكات بتحسين أمن الطاقة في الولايات، ومع ذلك، إذا كانت تقنية التخزين تعتمد على وفورات الحجم لتكون قابلة للحياة، فقد يصبح دور مشغلي الشبكات أكثر أهمية، خصوصا إذا كانوا يمتلكون معدات تخزين كبيرة. إذ يمكن في هذا السيناريو، أن يصبح مشغلو الشبكات "بنوك طاقة"، حيث يمكن للمستهلكين إيداع فائض من الطاقة وسحبها عندما يواجهون عجزًا، وهذا من شأنه أن يجعل مشغلي الشبكات أكثر أهمية للأمن القومي، وتعزيز الأمن المادي وان تقنيات التخزين الجديدة ربما تكون أهم تطور ممكن يمكن متابعته.
طفرة تكنولوجية
إن التنبؤ بتكنولوجيات التخزين، إن وجدت، سيكون أمرًا صعبًا، ولكن أي شخص يمكنه تطوير نموذج يقلل التكلفة، ويسهل طرحه ما سيشهد تقبلا وبسرعة.
وهذا النوع من الاختراق هو الذي يحدد متى يبدأ التخزين في التأثير على الجغرافيا السياسية ويمكننا تصور سيناريوهات واسعة في الوقت الحاضر، على سبيل المثال، دعنا نقول أن هناك طفرة تكنولوجية خلال السنوات الثلاث إلى الأربع القادمة، ثم قد يستغرق الأمر من ثلاث إلى أربع سنوات أخرى لزيادة التصنيع، وثلاث إلى أربع سنوات أخرى لطرح ما يكفي من سعة التخزين لتبدأ بالفعل في التأثير على صورة إمدادات الطاقة العالمية، في مثل هذا السيناريو، سيستغرق حوالي عقد من الزمن قبل أن نرى تأثيرا على الشؤون الدولية، وهذا تنبؤ متفائل ومع ذلك، فيما يتعلق بالأسواق المالية والوصول إلى الائتمان، قد تشعر بآثار التخزين بأسعار معقولة بمجرد أن يصبح هناك ابتكار رئيسي معروف، ولكن من يوافق على اقراض بلدان علمنا ان مصادر دخلها الرئيسية قد تقوضت بصورة كبيرة؟
السباق على الليثيوم
ومع ذلك، فإن حدوث طفرة في التخزين، لا سيما تلك التي تتعلق بالمنتجات القائمة على الليثيوم، قد تشكل مشكلات مماثلة لتلك التي تواجهها أنواع الوقود الأحفوري، وهناك تقدم كبير يعتمد على الليثيوم من شأنه أن يرفع على الفور الأهمية الجيوسياسية لأكبر منتجي المواد الأساسية، مثل أستراليا وبوليفيا، وإذا انتهى الأمر بالالتصاق ببعض أشكال بطاريات الليثيوم أيون، فقد تكون هناك اختناقات واختلالات في العرض والطلب على الليثيوم، ومع ذلك، فمن غير المرجح أن تكون هذه المشكلات طويلة الأجل، حيث أن الليثيوم يعد في الواقع معدنًا وفيرًا، كما أن معظم العناصر الأرضية المطلوبة وفيرة للغاية، والمخاوف من الحرب على الليثيوم، أو العناصر الأرضية النادرة أو غيرها من المواد الحرجة، ليس له داع ابدا، ومن الجدير بالذكر بان البلدان التي تمتلك تكنولوجيا الطاقة ستربح أكثر من تلك التي تمتلك المواد الاولية لصناعتها مثل الليثيوم وغيرها.
*استشاري في مجال الطاقة – العراق