عودة المستهلكين في العالم إلى البطاريات المنزلية
*م. حيدر حرز يوسف
يقوم عدد متزايد من أصحاب المنازل في ألمانيا بتركيب بطاريات لتخزين الطاقة الشمسية مع انخفاض أسعار أنظمة تخزين الطاقة
اكتفاء بالطاقة وتوريد للشبكة العامة
يقول أحد المواطنين الألمان، ويعيش في ضواحي برلين الخارجية، ويعيش مع زوجته وابنتهما البالغة من العمر ثلاث سنوات في بيت مكون من طابقين مع حمام سباحة، أنه أنفق ما يقارب 36000 دولار على نظام الطاقة الشمسية المنزلية الذي يتكون من 26 لوحة شمسية، تم تركيبها حديثًا على سطح منزله هذا الشهر، وبطارية ذكية، بحجم ثلاجة صغيرة تقريبًا، وفي الأيام المشمسة، توفر اللوحات الكهروضوئية جميع احتياجات الأسرة من الكهرباء، وشحن بطارية السيارة الكهربائية، وتغذي أيضا البطارية الثابتة حتى تصبح مشحونة بصورة كاملة، استعدادا لتغطية الطاقة في الليل وأيام الطقس الغائم، بعد ذلك وعندما تشحن البطارية بصورة كاملة، يقوم نظام التحكم الرقمي في الوحدة تلقائيا بإعادة توجيه أي طاقة زائدة إلى الشبكة الخارجية،، والتي سيتم بيعها الى مشغل الشبكة المحلي، ويباع نصف طلبات الألواح الشمسية على السطوح في ألمانيا حاليا مع نظام التخزين للبطاريات.
ويقول المحللون إن هذا النمو الأخير، يدل على جاذبية الرؤية الخضراء للمستقبل، مجموعة شمسية على كل سقف، وسيارة كهربائية في كل مرآب، وبطارية في كل طابق سفلي، ويرى المحللون أن امتلاك البطاريات المنزلية يعتبر خطوة مهمة نحو مستقبل تعتمد فيه اقتصادات منخفضة الكربون على إمدادات الطاقة المتجددة اللامركزية والمتقلبة بشكل متزايد.
المرونة
حتى الآن، تخلف تخزين الكهرباء عن التقدم في الطاقة الشمسية، ولكن ما أن تصبح البطاريات أكثر اقتصادية وأكثر قدرة على تخزين الطاقة، فإنها ستخزن بشكل متزايد الناتج من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، ما يسهم في نوع من المرونة التي يتطلبها مصدر يعتمد على الطقس .
أدت الشهرة الناشئة لأنظمة الألواح الشمسية والبطاريات، مدفوعة بانخفاض أسعار بطاريات الليثيوم أيون، إلى تحريك شريان الحياة لقطاع الطاقة الشمسية في ألمانيا، حيث أدى الانخفاض التدريجي لتعرفات التغذية للمستهلكين الذين يزودون الشبكة بالطاقة، إلى انخفاض حاد في نشر الطاقة الشمسية.
لكن رغم كل الصعاب، عادت الشركات للإنتعاش بفضل أنظمة تخزين الطاقة المنزلية، وأعادت فتح المتاجر القديمة، وبدأت متاجر جديدة، ولدى ألمانيا الآن حوالي 44 مصنعا لأنظمة تخزين الطاقة المنزلية، حيث قام الألمان بتركيب الألواح الشمسية في أكثر من مليون مبنى، كما أن هناك عددا متزايدا من أصحاب المنازل الذين يشترون البطاريات، كما يتم بيع وحدات تخزين الكهرباء الألمانية في فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وهولندا وإسبانيا، بالإضافة إلى أستراليا وكوريا الجنوبية.
ويعتمد سعر نظام التخزين المنزلي على حجم المنزل أو العمل، واحتياجات المالك من الطاقة، ووصول المبنى إلى أشعة الشمس، وجودة الألواح، والبطاريات ، وأنظمة الإدارة، بالنسبة للمنزل الصغير الذي يحتوي على 20 لوحة فقط، يمكن للمرء أن يتوقع دفع ما بين 8000 دولار و 11000 دولار للمنظومة، وتقريبا نفس المبلغ للبطارية ومحول طاقة التيار المستمر/التيار المتردد، والجدير بالذكر أن سعر أكبر البطاريات المنزلية حوالي 34000 دولارا، ومقابل مبلغ إضافي قدره 500 دولار، تقوم الأجهزة المتقدمة بتوصيل النظام بالأجهزة المنزلية، وتحسين استخدام الطاقة، فضلاً عن تنظيم التغذية في الشبكة.
توفير 80 بالمئة من فواتير الكهرباء
ووفقًا للمختصين، مع هذه التقنية المتطورة والكثير من أشعة الشمس، يمكن للمالك توفير ما يصل إلى 80 بالمئة من فواتير الكهرباء، إن اقتصاديات تخزين البطاريات ليست الدافع الوحيد لمعظم مشتري أنظمة البطاريات وانما الهدف الرئيسي هو أن يكونوا مستقلين عن شركات تزويد الطاقة وارتفاع الأسعار، كذلك يريدون بصمة خضراء ، لفعل شيء من أجل المستقبل.
وفي غضون بضع سنوات، تحولت وحدات التخزين المنزلية من منتج متخصص ملائم للمهتمين بالتكنولوجيا، وناخبي حزب الخضر إلى واحد مع إمكانات هائلة، وجدت لها محط قدم رئيسي، وتتوقع شركة الاستشارات McKinsey أن تكلفة أنظمة تخزين الطاقة ستنخفض( 50-70 ) بالمئة على مستوى العالم بحلول عام 2025 ،كنتيجة للتقدم في التصميم، وصغر الحجم .
كما تتوقع جمعية تخزين الطاقة، وهي مجموعة تجارية مقرها الولايات المتحدة، أن تبلغ سعة تخزين الطاقة ثمانية أضعاف في الفترة من 2015 إلى 2020، لتصبح سوقًا بقيمة 2.5 مليار دولار، وتتوقع "بلومبرج نيو إنرجي فاينانس" تمويل سوق تخزين الطاقة العالمي في غضون 20 عاما ، والذي يعد التخزين المنزلي جزءا منه فقط ، باستثمار 620 مليار دولار.
وفي كاليفورنيا ، اعتبارا من عام 2020 ، يجب تجهيز جميع المباني السكنية المشيدة حديثا بألواح شمسية، ومن المرجح أن يتبنى أصحاب هذه المباني أنظمة البطاريات = مع انخفاض الأسعار، وقد تصبح إضافة البطاريات المنزلية جذابة بشكل خاص للمستهلكين الذين يمتلكون سيارات كهربائية.
ابتكارات حديثة في مجال البطاريات
ويقول خبراء من مركز أبحاث للبطاريات في ألمانيا، إن الجيل التالي من التخزين الصغير الحجم سيكون بطاريات أيونات الصوديوم ، والتي على عكس بطاريات الليثيوم، لا تحتاج إلى كوبالت وهو عنصر كيميائي يصعب العثور عليه، نظرا لأن البطاريات المنزلية يمكن أن تكون أكبر من بطاريات المركبات الكهربائية Electric Vehicle ، حيث يجب أن نحافظ على الكوبالت المتاح للسيارات، ونذهب بطريقة مختلفة مع التخزين المنزلي، كما تقوم شركة رائدة في مجال الطاقة النظيفة EWS Schönau بتطوير بطاريات صديقة للبيئة ، مثل بطاريات المياه المالحة القابلة لإعادة التدوير، والتي لا تحتوي على معادن ثقيلة مسببة للسرطان أو معادن نادرة.
بغض النظر عن نوع البطارية ، يمكن لوحدات تخزين الطاقة المنزلية أن تساعد في تخفيف التقلبات في إنتاج الكهرباء اي (الموازنة) عندما تتدفق الشبكة بالطاقة، على سبيل المثال، يمكن لمشغلي الشبكات أن يدفعوا لمالكي البطاريات، حتى أولئك الذين لا يملكون مجموعة الشمسية تعلق عليها، لتخزين الفائض بالنسبة لهم، عندما تحتاج الشبكة إلى الطاقة، يمكن للبطاريات المنزلية والسيارات توفير الطاقة للشبكة، يقول الخبراء إن تحقيق التوازن أمر بالغ الأهمية للمشروع الأكبر لعالم منخفض الكربون.
يقول الخبراء إن الخطوة التالية هي تمكين منتجي الطاقة المنزلية من البيع للجيران والمستأجرين، وهي خدمة تعرف باسم النظير إلى نظير في تجارة الكهرباء، وهذا من شأنه أن يتيح للمستهلكين الوصول إلى الطاقة المولدة في المنزل، الاستفادة من الطاقة النظيفة لأولئك الذين ينتجون أكثر مما يحتاجون إليه.
وقد وضع فولكر كواشنينج، أستاذ أنظمة الطاقة المتجددة في جامعة العلوم التطبيقية في برلين ، حجم التحدي في منظوره الصحيح: "لدينا أكثر من 100 ألف من أنظمة توليد المنازل والتخزين في ألمانيا، ولكن من أجل الوصول إلى أهداف مؤتمر باريس نحتاج 10 مليون في ألمانيا وحدها"، وتابع "إن هذا يتطلب إمكانات هائلة، لكن يجب أن يكون أرخص وأسهل"، وأشار إلى أن "ذلك يتطلب إلغاء ضرائب استهلاك الطاقة على الأسر والشركات التي تولد الكهرباء لاستخدامها الخاص، وتحافظ على التعرفات المضمونة للطاقة الشمسية، والتي تشجع الاستثمار في هذا المجال".
*استشاري في مجال الطاقة والبيئة-العراق