مؤتمر وطني حول آفاق الإصلاحات ومقررات سيدر: لبنان يعيش مراحل الإنهيار المالي

مشاركة


تنمية وإقتصاد

"إليسار نيوز" Elissar News

عقد "ملتقى حوار وعطاء بلا حدود"، مؤتمرا وطنيا تحت عنوان: "آفاق الإصلاحات الإدارية والمالية في ضوء مقررات مؤتمر "سيدر" والحلول المقترحة"، في فندق رمادا بلازا - الروشة، في حضور النائبين شامل روكز وفادي علامة، النواب والوزراء السابقين: عصام نعمان، الياس حنا، جورج قرم، شربل نحاس وصلاح الحركة، والمدير العام لـ "المؤسسة العامة للإسكان" روني لحود، إضافة إلى حشد من الشخصيات السياسية والتربوية والنقابية والاجتماعية والاعلامية والأكاديمية، والعمداء في السلك العسكري، ووجوه ديبلوماسية وقنصلية وفعاليات ثقافية واجتماعية، وخبراء في المجالين الاقتصادي والمالي، وممثلين عن أهل الفكر والرأي، والمهتمين بالشأن العام.

الخليل

بدأ المؤتمر بالنشيد الوطني، فكلمة الباحث والكاتب محمد الخليل، الذي قال: "يؤخذ على الدولة اللبنانية أنها لم تستطع إنجاز توافق وطني على السياسات الإقتصادية والإجتماعية والمالية في البلد، إذ لم يتسن للحكومات المتعاقبة أن بلورت رؤية متكاملة تسعى إلى النهوض الاقتصادي، على نحو يزيد من نسبة النمو ويساهم في إطفاء الدين العام، ويحد من البطالة ويبني المؤسسات".

وتطرق الى "السياسات الاقتصادية ما بعد الطائف، والتي ركزت على الاستثمار في البنى التحتية التي تخدم النمو وخفض مخاطر الدين العام، والحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي، وتوجيه التدفق المالي نحو الخزينة العامة والقطاع المصرفي والقطاع العقاري"، معتبرا أن "الحكومات المتعاقبة إتسمت سياساتها بالانتقائية والاجتزاء في دعم قطاعات ومرافق ومجالس دون غيرها، ما أفقدها الكثير من الفاعلية".

وخلص إلى القول: "لا سبيل لانقاذ الوطن الا بالتمسك بعناصر القوة في المجتمع والتي تتمثل في جودة التعليم وكفاية الوظيفة، وتعفف المسؤول وحسن اختيار القائمين على ادارة البلد ونزاهة القضاء، واعتماد معايير الشفافية والمساءلة الحقة".

حمود

ورأى "منسق ملتقى حوار وعطاء بلا حدود"، الدكتور طلال حمود "أن مشاركة خبراء وإقتصاديين في هذا المؤتمر، دليل إيجابي على أن الهدف الوحيد، هو عمارة البلاد وخدمة العباد، وتعزيز الإصلاح الذي يعتبر ضرورة مستمرة، وشرطا ملزما لتحقيق ما عداه في المجالات الاقتصادية والإنمائية والاجتماعية والتربوية والبيئية، إضافة إلى تطوير الخدمات والمعاملات القانونية وتنسيقها".

وأشار إلى أن "الملتقى سعى منذ تأسيسه عام 2017، إلى أن يكون لقاء رائدا وجامعا وعابرا للحدود المناطقية والطائفية والمذهبية والسياسية، وأن يكون في خدمة الانسان"، ونحن نؤكد الإلتزام بنهج مقاومة الفساد كمقاومة الإرهاب، وندافع عن الوطن، ومسيرة الدفاع عن لبنان، ومستمرين بها إلى نهاية المطاف".

مسلمات

وفي مستهل المؤتمر أقر غالبية المشاركين في المؤتمر ثلاث مسلمات:

- أولا: نحن في قلب أزمة مالية تكبر باضطراد، وهي مهددة بالانفجار، وستكون تداعياتها خطرة على المجتمع والاقتصاد.

- ثانيا: عدم أهلية السلطة القائمة، لإنقاذ المجتمع والاقتصاد، وتفادي تبعات الأزمات المدمرة.

- ثالثا: إن كل ما هو مطروح اليوم وفق مقررات "سيدر" وما سمي بـ "رؤية ماكينزي"، لا يسمن ولا يغني، وإن الحل لا يمكن أن يكون إلا بقرار سياسي، يرسم أسس الاقتصاد الجديد الذي نريد، ويحدد من سيدفع ثمن الانهيار المقبل وما هي كلفته، وماذا ينتظرنا من بعده.

واختار المنظمون "مقررات سيدر"، كمدخل لمناقشة الحلول وآفاق الإصلاحات، وللخروج بالتالي من الأزمة.

جلسات

وانقسم المؤتمر إلى جلستين حواريتين:

- الأولى تحت عنوان "السياسات الاقتصادية وعجز الخزينة وخدمة الدين العام وخطة النهوض الاقتصادي والحلول البديلة"، وأدارها وزير المال السابق جورج قرم، وشارك فيها الاقتصاديون: نجيب عيسى وحسن خليل وكمال حمدان وشربل قرداحي.


- الثانية حملت عنوان "الإصلاحات الإدارية والمالية تبعا لخطة ماكينزي ومقررات مؤتمر سيدر"، وأدارها الوزير السابق شربل نحاس، وشارك فيها الاقتصاديون: إيلي يشوعي وغسان العياش وحسن حمادة، إضافة إلى أمين صالح ورياض صوما.

نحاس

ولخص التقديم الذي عرض له نحاس، الوضع الاقتصادي اللبناني بطريقة مجازية: "ثمة سيارة تسير نحو الهاوية، فيها راديو يردد أغنية محددة، وأما الناس فهم إما خارج السيارة أو داخلها، ويناقشون جمالية الأغنية... حسنا "ماكينزي وسيدر" هما الأغنية في واقعنا الحالي، في حين أن التعامل مع السلطة يجب أن يكون منطلقا مما تفعله وما لا تفعله، هذه الدولة لم تفعل شيئا ولم تقدم الحسابات ولا الموازنة، وتمعن بالكذب من دون أن تنسى إبرام الصفقات، المطلوب هو أن ننظر إلى الواقع لا أن نستمع إلى الأغنية في الراديو، نحن أمام تغييرات حاسمة في الاقتصاد السياسي، أي في تحديد من سيتحمل أعباء أي انهيار؟ ومن سيخسر ومن سيربح؟ وكم؟، وفي هذه الحال يفترض أن تكون قرارات السياسة العامة واضحة، ويفترض بالمواطنين أن ينظروا إلى الوقائع، لا أن يرددوا الأغنية".

عيسى

وتحدث أستاذ في العلوم الاقتصادية وعلم السكان نجيب عيسى، عن النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، مشيرا إلى ثلاثة محاور أساسية:

1 - "السياسات الاقتصادية التي اعتمدها لبنان بعد الحرب، أدت إلى تهميش القطاعات الإنتاجية على حساب القطاعين المصرفي والعقاري، وبالتالي بات الشباب ينتظرون الهجرة إلى الخارج، في مقابل تشغيل غير اللبنانيين مكانهم، وتمثلت النتيجة بنمو اقتصادي وسطي بمعدل 3.5 في المئة سنويا طوال هذه الفترة، فيما جاء نمو التشغيل أكثر تواضعا، وبمعدل 1 في المئة فقط، فبقيت معدلات البطالة مرتفعة جدا وبنسبة 10 في المئة حتى عام 2010، ومن ثم ارتفعت إلى 20 في المئة، وفق تقديرات البنك الدولي، علما بأنها تفوق نسبة 30 في المئة عند الشباب، والفئات ذات المستوى التعليمي العالي.

2 - المعالم الأساسية للنمو الجديد تفترض التحول إلى نمط اقتصادي بديل، لكن نتيجة لأوضاع لبنان الخاصة وحجمه الديموغرافي الصغير، وارتفاع مستوى المعيشة فيه، يتطلب هذا النموذج التركيز على أنشطة عالية الإنتاجية في اقتصاد المعرفة والتكنولوجيا، واستخدامه في كل القطاعات الإنتاجية.

3 - إستشراف المستقبل في ضوء "سيدر وماكينزي"، اللذين سيولدان 75 ألف فرصة عمل، متوسط الأجر الشهري فيها للعامل الواحد لا يزيد على 500 دولار أميركي، ما يعني أنها فرص عمل غير مستدامة وموقته ومتدنية الإنتاجية، ولا تلبي طموح اليد العاملة اللبنانية، فيما رؤية ماكينزي لخلق 370 ألف فرصة عمل وخفض معدل البطالة إلى 8 في المئة حتى عام 2035، وفق مندرجاتها، غير قابلة للتنفيذ مباشرة، بل تحتاج إلى أن تتحول إلى مشاريع محددة وتخضع لبرنامج زمني محدد".

حمدان

وتحدث الخبير الإقتصادي كمال حمدان عن "سيدر" وحدود القدرة الاستيعابية للاقتصاد اللبناني"، فقال: "ما تم عرضه كرؤية إنمائية أو خطة اقتصادية في مؤتمر سيدر، لا يرتقي إلى مستوى الخطة أو الرؤية، بل هو مجرد تجميع لمخزون من الملفات الموجودة في الجوارير، ومن دون إجراء أي تقييم للحاجات الكامنة وراءها، وكما هو معروف، طرحت هذه البرامج على هامش أحد اجتماعات بروكسل لمساعدة اللاجئين في مقابل الحصول على تمويل، وبطبيعة الحال لم تستهدف هذه البرامج القطاعات الاقتصادية الأخرى، ولم تدرس تأثيراتها عليها، فضلا عن أن الحديث عن خلق 100 ألف فرصة عمل، لم يبن على أي علمية بل كان مجرد كلام شعبوي، وفي المحصلة ستكون النتيجة زيادة الإنفاق الاستثماري نحو 4 مرات إضافية عن القدرة الاستيعابية المقدرة بـ500 مليون دولار سنويا، خلال ربع قرن، وهي عبارة عن كلفة المشاريع التي كانت تنفذ عبر مجلس الإنماء والإعمار، واللافت أنها وزعت وفق منطق التحاصص وتوزيع المشاريع، فضلا عن تعميم فكرة الخصخصة بالملك والإدارة، على رغم أن التجارب السابقة في لبنان من التعليم إلى الصحة والكهرباء والنفايات لم تنجح، وهو ما يخلق إشكالية مهمة تكمن في تنفيذ مشاريع وفق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص في ظل دولة ضعيفة، القطاع الخاص فيها مترسخ ومحتكر، وله ارتباطاته السياسية ونفوذه".

العياش

وتناول النائب السابق لحاكم مصرف لبنان الدكتور غسان العياش "إصلاح الخلل في العلاقة بين السياسة النقدية والسياسة المالية"، وقا إن "الإصلاح يتطلب عدم الإبقاء على هذا النظام وأن عجز الموازنة يقدر بنحو 6 إلى 7 مليارات دولار، فيما من المتوقع أن يدر "سيدر" نحو 1 إلى 1.5 مليار دولار سنويا، وهو رقم صغير ولا يسمح بالانتقال من عجز إلى فائض، إلا أن الخوف الفعلي في ظل سياسة تجميع الدولارات للحفاظ على سعر صرف الليرة، هو الاحتفاظ بهذه المبالغ لدى مصرف لبنان لهذه الغاية".

أضاف: "ثمة خلل في العلاقة بين السياستين النقدية والمالية، ينتج فسادا من نوع آخر ما يتطلب معالجة، وفي المبدأ، السياسة المالية تمارسها الدولة من خلال الموازنة وتهدف إلى تسريع أو تخفيف النمو، وزيادة الثروة الوطنية، وأما السياسة النقدية فهي من الادوات التي يستعملها المصرف المركزي، ووظيفتها الحفاظ على استقرار الأسعار، أي منع التضخم، وفي لبنان، فرض النظام السياسي على مصرف لبنان العمل لتحقيق هدفين مهمين للطبقة السياسية، وهما: تمويل العجز عبر الاقتراض مباشرة منه، أو عبر إجبار المصارف على تقديم التمويل، وفي الواقع، لم يكن الحفاظ على سعر الصرف الهم الشاغل للنظام السياسي، وإنما كان الهدف منع أي انهيار اجتماعي، لتفادي أي خضة تؤثر في وضعية الحكام في السلطة، وقد قام مصرف لبنان بتمويل العجز والمحافظة على سعر الصرف لهذه الغاية، بحيث سيطرت السياسة المالية على السياسة النقدية، وفي المحصلة، كبر حجم الدين وتم صرفه على النفقات الجارية لكل الحكومات المتعاقبة، وكذلك جرت الاستدانة بالدولار، وهي استدانة خطرة، لأنه قد يأتي وقت وندخل في عجز عن تأمين هذه الدولارات لسداد الدين، والإصلاح يتطلب بكل بساطة عدم الإبقاء على هذا النظام".

خليل

وتحدث الخبير الإقتصادي والمالي حسن خليل عن "وهم الليرة وسوء أمانة الودائع" فقال: "من المعروف أن كل بلدان العالم تستدين، إلا أن قصة الدين العام في لبنان مختلفة، فقد بدأ الخلل في الاستدانة في لبنان عام 1995، حين شكلت نسبة سندات الخزينة بالليرة اللبنانية التي فتحت لعامة الناس نحو 38 في المئة، في مقابل 43 في المئة للمصارف التجارية، ووصلت الفائدة عليها إلى 40 في المئة، فيما كانت الفائدة على التحويلات وتراجع السوق العقارية، زادت الأعباء وارتفعت المخاطر، وبات خطرا يتهدد الدولة أو يؤدي إلى تقاعسها عن الدفع، ينعكس سلبا على ودائع الناس والمجتمع، ما يعني أن سعر صرف الليرة لم يكن سوى وهم، والمطلوب اليوم ربط سعر صرف الليرة بسلة من العملات، ومنع طبع المزيد من الليرات إلا في وجود عملات أجنبية".

يشوعي

وتطرق أستاذ العلوم الاقتصادية إيلي يشوعي الى "الاصلاحات المطلوبة من مؤتمر سيدر"، فاعتبر أن البلد قد انتهى وكذلك اقتصاده وماليته العامة، وبالتالي أي إصلاحات ممكن عرضها لا يمكن إدراجها إلا في خانة التمرين الفكري، كون السلطة الحاكمة لن تبادر في تنفيذ أي منها، والحل المطلوب اليوم هو إحقاق توازن في الموازنة لا خفض العجز فيها".

ورأى أن ذلك يكون من خلال:

1 - "وضع سقف لتطور الدين العام وتحرير السيولة، ليستفيد منها القطاع الخاص.

2 - الإصلاح الإداري، عبر تشكيل هيئة وطنية عليا، تعمل على تلزيم كل مشاريع الخدمات العامة مع الاحتفاظ بملكيتها، إلى القطاع الخاص بهدف خفض النفقات.

3 - معالجة مشكلة خدمة الدين العام، التي رفعت الفوائد والأسعار وقتلت الاستثمار وهجرت الشباب قسرا، علما أنها عملية لا تنطوي على أي مخاطر كما يشاع".

وشدد يشوعي على "إقرار اللامركزية الإدارية عبر انتخاب مجالس أقضية تقوم بجباية الضرائب لتمويل المشاريع المحلية وتحويل القسم الباقي إلى الخزينة، ما يدفع إلى الحد من التهرب الضريبي بعد ربط دفع الضريبة بالحصول على التنمية، مع التزام الدولة بمساعدة الأقضية الأقل ثراء، لتحقيق الإنماء المتوازن، ووضع نظام ضريبي جديد عادل لا فرض ضرائب جديدة، عبر الحد من الضرائب غير المباشر ( (TVA وضريبة البنزين)، واستهداف الضرائب الشخصية واستخدامها لتحقيق العدالة الاجتماعية وتحفيز النمو الاقتصادي".

حماده

وتحت عنوان: "هل يشكل سيدر فرصة لاعادة النهوض بالاقتصاد اللبناني؟" اعتبر الخبير الإقتصادي والمالي حسن حماده أن "النموذج المالي والاقتصادي يعمل على تقوية المصارف لجذب الأموال من الخارج، وكان يفترض بهذا العمل أن يكون مثمرا، لو تمت الاستفادة من الأموال لتمويل القطاع الخاص، لكن ما حصل فعليا، هو زيادة حجم الودائع في المصارف واستعمالها لتمويل عجز الموازنة، واليوم، وصل هذا النموذج إلى حائط مسدود، وهو يشهد عجزا مستمرا في ميزان المدفوعات منذ 2011، وتراكما في عجز الموازنة، وارتفاعا في حجم الدين العام، فضلا عن تراجع نمو الإيداعات المصرفية، ويعيش لبنان مراحل الانهيار المالي، وكل المؤشرات تدل على ذلك، وتتمثل في خفض أصول المؤسسات المالية وبعض القطاعات الأساسية مثل العقارات، وارتفاع سعر الفائدة، وتنامي عجز الموازنة، لقد أنهينا المرحلة الأولى من الانهيار المالي ودخلنا في المرحلة الثانية التي تسبق انهيار العملة، وتتمثل في عجز المصارف عن استقطاب رؤوس الأموال، وبالتالي قدرة مصرف لبنان على حماية الليرة، أما أسباب العجز الأساسية، فهي: الكهرباء وتمويل الدين العام والفساد، ومعالجة هذه المشكلات فلا يكون عبر أموال "سيدر"، وإنما بقرار سياسي لمعالجتها".

قرداحي

وشدد الخبير الإقتصادي شربل قرداحي في مداخلته عن "التوترات الاقتصادية وأوجه التصحيح"، على "أن الاقتصاد اللبناني قد دخل منذ سنة، مرحلة من التقلبات والمخاطر التي تجلت في انحسار معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع الفوائد، وانخفاض أسعار السندات اللبنانية في الخارج، إضافة إلى ارتفاع العجز في الحسابات المالية الى حدود غير مسبوقة، في ظل نمو مطرد للدين العام، وخفض للتصنيف الائتماني للسندات السيادية، كذلك، شهد ميزان المدفوعات عجزا متواصلا، وثمة ترابط أكيد بين السياسات الاقتصادية وعجز الخزينة وخدمة الدين العام، يتطلب البحث عن حلول بديلة لتجنب الأزمة وحماية الاقتصاد من صدمة في سعر الصرف، أو في تمويل الحساب الجاري، أو في أداء المستحقات السيادية، أو في تمويل نفقات الدولة اللبنانية، وهو ما يتطلب بناء سياسة مالية قائمة على عدالة النظام الضريبي، للحد من التهرب الضريبي والتهريب وخفض معدلات الضرائب غير المباشرة، في مقابل زيادة معدلات الضرائب المباشرة، على أن يترافق ذلك مع خفض النفقات العامة من خلال حل مشكلة الكهرباء، عبر إقرار الخطة المعروضة ورفع التعرفة، مع استمرار الدعم حصرا للفئات المحدودة الدخل، وخفض الفوائد على الدين العام، وبخاصة السندات الحكومية التي يحملها مصرف لبنان، وخفض كلفة القطاع العام ووقف كل أشكال المنافع والعطاءات والتقديمات، ووقف التوظيف لفترة تمتد إلى سنوات".

صوما

وتطرق الكاتب السياسي رياض صوما، الى مرحلة ما بعد الطائف، لافتا الى "تحالف إقليمي دولي، أعطى غطاء لأي مجموعة محلية، لأن تقوم بما تريده وما تراه مناسبا لها، وترافق ذلك مع انتصار الولايات المتحدة والليبرالية المتطرفة على منطق الدولة الرعائية، فأتت الحريرية السياسية لتنفيذ خططها في لبنان، تلاها إضعاف الحركة النقابية واستبدالها بشبكة مكملة للسلطة، ليست على استعداد لمواجهتها، وكذلك وضعت كل الأطر المالية والاستثمارية والسياسات التي اعتمدت لبنان على سكة المسار التدميري، الذي وصل اليوم إلى نهاياته نتيجة تراجع قدرة الدولة على تأمين قيمة الفوائد على ديونها الخارجية، وتراجع قدرتها على الاستدانة بفوائد مقبولة أو سد حاجات التنمية المحلية، إضافة إلى ذلك، أعادت الانتخابات النيابية الأخيرة إنتاج السلطة نفسها، ما يدل على مدى قوة هذه السلطة وتجذرها، وبالتالي في ظل هذا الواقع، لا ميزان قوى يسمح بأي معالجة أو بفرض سيناريو مخالف، ولذلك، فالحل الوحيد للجم الانهيار وتجنب الذهاب إلى حرب أهلية، هو في خلق ميزان قوى يترجم بإنشاء تحالف بين قسم من السلطة، وتحديدا حزب الله الذي يخشى الانهيار الاقتصادي ويخشى على الناس من ذلك، وبين جزء من المجتمع المدني والحركة الشعبية وتحالفاتها السياسية، لخوض معركة التصحيح الاقتصادي".

صالح

وحدد المدير السابق للمحاسبة العامة في وزارة المال أمين صالح، في مداخلة حملت عنوان: "الموازنة العامة والحسابات المالية ركيزتان لبناء الدولة الديمقراطية"، ثلاث ركائز، لقيام الدولة، وهي: الموازنة، الحسابات المالية، والرقابة المالية على إدارة المال العام"، معتبرا "أن كل هذه الركائز معطلة، ما يعني أن ثمة سلطة حاكمة لا دولة، والمطلوب استرجاع الدولة من السلطة اللادستورية التي تتحكم بها، وتتمثل الكارثة بصرف الأموال العمومية من دون أي موازنة منذ سنوات، وهو صرف مخالف للدستور وغير شرعي، وقد بلغ بين عامي 2006 و2018 نحو 121 مليار دولار أميركي".

ورأى أن "الحل لا يكون إلا بإحقاق التوازن في الموازنة العامة عبر:

1 - "معالجة الدين العام وفوائده، بخاصة وأن قيمة الفوائد المدفوعة منذ 1992 بلغت 75 مليار دولار، وهي تشكّل 60 في المئة من واردات الدولة، مع العلم بأن هذه المعالجة سياسية لا تقنية.

2 - إقرار نظام ضريبي عادل جديد، لا فرض ضرائب إضافية، بخاصة وأن الإجراءات الضريبية الأخيرة خفضت إيرادات الخزينة من ضريبة الدخل نحو 780 مليار ليرة، فيما رفعتها بقيمة 330 مليارا، ناجمة عن ضريبة القيمة المضافة، وهو ما يعني تحميل الفقراء أعباء إضافية، في مقابل تهرب أصحاب رؤوس الأموال من موجب تسديد الضرائب.

3 - معرفة كل الحقيقة الكامنة وراء الحسابات المالية المعاد تكوينها، بخاصة وأنها تشكل الرقابة الأولى على الإنفاق الحكومي".

عوض

وعبر ميخائيل عوض في كلمة ختامية عن "فرحته العارمة وبالغ سروره للحشد النوعي للمشاركين في المؤتمر، وهو مظهر يختزل كل تطلعات اللبنانيين، وتوقهم إلى التغيير"، واعدا بخطوات لاحقة، ما يؤشر إلى "قدرة هذا الملتقى من قيادة العمل ضمن رؤية وطنية جامعة"، داعيا الى "ضرورة تكثيف الجهود لتحقيق نجاحات إضافية، وتشكيل لوبي ضاغط، وتوجيه التحركات في الاتجاه الصحيح".

 







مقالات ذات صلة