توثيق سلحفاة النيل اللينة الدرقة في لبنان... هل تتخطى خطر الانقراض!؟
"إليسار نيوز" Elissar News
لا يمكن اعتبار ظهور "سلحفاة النيل اللينة الدرقة" في منطقة صور مجرد ظاهرة، خصوصا وأن هذا النوع من السلاحف النهرية مهدد على نحو خطير وآيل إلى الانقراض إذا لم تكن هناك خطة واضحة لحمايته، فضلا عن أن ظهور سلحفاة النيل يعني أن لبنان الغني بتنوحه الحيوي مدعو لتبني سياسات بيئية تراعي ما يحفل به من تنوع بيولوجي، وهنا المسؤولية مضاعفة لنكون حاضرين في توفير شروط ديمومة واستمرار دورة الحياة الطبيعية على مستوى سائر النظم الإيكولوجي، البحرية والبرية والنهرية وأراض رطبة وغيرها من خصائص تمثل بعضا من فرادة لبنان دون إغفال أنه يمثل ممرا حيويا للطيور المهاجرة.
وبحسب موقع "غرين ايريا" البيئي، فإن الإجراءات المكثفة لـ "المصلحة الوطنية لنهر الليطاني" في رفع التلوث واستعادة النهر من مستبيحيه قد أثمر عن هذه "الهدية"، خصوصا وأنها وصلت من أحد روافد المياه العذبة المتصلة بالنهر، ما يفرض تعزيز الإجراءات القائمة، وصولا إلى استعادة النظم البيئية المدمرة.
وكان لافتا إلى أن عناصر أمنية لبنانية وفرت لها الحماية وأوصلتها إلى "محمية صور الشاطئية"، فضلا عن مواطنين وناشطين أبدوا الاهتمام، دون أن ننسى القيمين على المحمية.
أشار نائب مدير "محمية صور الشاطئية" المهندس حسن حمزة إلى أن "هذه السلحفاة عثرت عليها جهة أمنية وسلمتها إلى المحمية، وقد وجدت في منطقة (العامرية) جنوب مدينة صور على مقربة من مصب رأس العين"، ولفت إلى أنه "تم إطلاقها ليلا لتعود إلى بيئتها الطبيعية، إلا أنها عادت في اليوم التالي صباحا، وعثر عليها مواطنون بالقرب من جل البحر في صور".
وقال حمزة: "قمنا بالتعاون مع بلدية صور بنقلها إلى محطة الضخ في القاسمية التابعة لنهر الليطاني وإطلاقها هناك، وقد أبدى موظفو المصلحة الوطنية لنهر الليطاني اهتمامهم وتعاونوا معنا في هذا المجال"، وأشار إلى أنه "يرجح أن تكون السلحفاة قد وصلت إلى العامرية عبر قنوات الضخ التابعة لمصلحة الليطاني في منطقة رأس العين"، لافتا إلى أنها "من الأنواع التي تعيش في الأنهار الكبيرة".
ومن جهتها، أشارت مديرة المحمية الدكتورة ناهدة مسيلب إلى أهمية "تسجيل وتوثيق هذا النوع من السلاحف لأنه بحسب الاتحاد الدولي لصون الطبيعة IUCN معرضة يشكل حاد للانقراض، ولم تسجل مشاهدتها خلال السنوات الأخيرة الماضية".
وقال أخصائي البيولوجيا البحرية وعلوم البحار البروفسور ميشال باريش إلى أن "الاسم العلمي لهذه السلحفاة هو Trionyx tariunguis وتعرف بالانكليزية بـ Nile soft-shelled-turtle، وتسمى بالعربية (سلحفاة النيل اللينة الدرقة)، وهي نوع يقتصر وجوده عادة على المجاري الدنيا للأنهار، ويقضي جزءا مهما من حياته في البحر".
تجدر الإشارة إلى أنه وبالاستناد إلى باريش "لا يعرف الكثير عن دورة حياة هذا النوع من السلاحف بيولوجيا"، وقال: "يبدو واضحا أنها تقضي ردحا ذا شأن من دورة حياتها في البحر، على عمق أقصاه 55 مترا، وتعشش على الضفاف الموحلة للأنهار".
وأضاف باريش: "تتواجد فقط من تركيا إلى مصر، سجل وجودها لمرة واحدة في اليونان، وتعيش مجموعات أخرى منها في المياه الداخلية في القارة الأفريقية بعيدا من البحر، وثمة نحو ألف فرد بالغ من هذا النوع في البحر المتوسط، وهي من الأنواع المهددة بشكل حاسم، ومن الضروري عدم أذيتها والتعرض لها، وفي حال علق في الشباك يفترض تخليصها وإطلاقها على الفور".
وبحسب باريش أيضا، فإن "هذا النوع لا أهمية له في الصيد ونادرا أو يؤكل أو يحتفظ بقوقعته للزينة"، وأشاد باريش بعمل "محمية صور الشاطئية"، وقال: "لا يهم إفلاتها أو إطلاقها في البحر أو النهر، فهي ستسلك مسارها الطبيعي إلى بيئتها"، مشيرا إلى انها "في فترة هجرتها تسلك البحر".
وبالنسبة لحجم هذه السلاحف، فإن الحد الأقصى لطولها يصل إلى 120 سنتيمترا، ويأتي أنفها على شكل خرطوم صغير، أصابعها مكففة ولديها أظافر حادة، ولا وجود للصفائح القرنية على الدرقة (قوقعة)، بل هي مغطاة ببشرة مسطحة ناعمة، ولونها بني قاتم إلى زيتوني مع بقع بيضاء أو مصفرة.
كما وأكد أستاذ علم البيئة في قسم الأحياء في الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور رياض صادق لـ greenarea.me على أن "هذه السلحفاة هي من السلاحف النهرية المعرضة جدا للانقراض، وتسجيل وجودها ورؤيتها مهم جدا، خصوا وأن سلحفاة النيل اللينة الدرقة هذه تعتبر نادرة، وأعدادها تضاءلت كثيرا".
وأشار صادق إلى "أهمية أخذ عينات منها لضرورة البحث العلمي عبر إجراء فحوص الحمض النووي DNA"، ونوه بإعادة إطلاقها في بيئتها الطبيعية.
من هنا، لا بد من سؤال، مع ظهور وتوثيق هذه السلحفاة النادرة، هل نتمكن من إبعادها عن خطر الانقراض؟
المصدر: "غرين ايريا" و"إليسار نيوز"