برسم المعنيين...مياه محطة إيعات الآسنة تلوّث أراض في دير الأحمر وشليفا والكنيسة!
سوزان أبو سعيد ضو
منذ بدء تشغيل محطة إيعات لتكرير مياه الصرف الصحي، تستقبل هذه المحطة المياه الآسنة من شبكات مدينة بعلبك وقرى دورس وعين بورضاي والجمالية وحوش تل صفية وغيرها، وهذه المحطة لا تكرر المياه، وللموضوعية فهي لا تكرر المياه في معظم الأحيان، وليس ذلك فحسب، بل يؤكد سكان من المنطقة أن المياه المبتذلة غير المعالجة تتدفق منها ملوثة القرى والأراضي الزراعية المحيطة.
شكاوى على مدى عقد من الزمن
وبعد أن كانت الشكاوى ترد خلال السنوات العشر السابقة من بلدات إيعات الحاضنة للمحطة، ودير الأحمر التي يعاني أهلها من المياه المبتذلة وما ينجم عنها من تلوث طاول الأراضي الزراعية فضلا عن الروائح الكريهة، رفعت المجالس البلدية في شليفا وبتدعي وبعلبك عريضة خطية إلى مجلس الوزراء ووزارة الطاقة والمياه ومجلس الإنماء والإعمار، مرفقة بتحاليل وتقارير صادرة عن وزارات الصحة العامة والبيئة والطاقة والمياه تؤكد ما تعانيه المنطقة المجاورة للمحطة، وما تشكله من تلوث يهدد الصحة العامة والحياة البيئية، ومؤخرا وصلت هذه المياه الآسنة وتجمعت عبر مجرى مياه شتوي إلى بلدة الكنيسة مشكلة مستنقعا كبيرا.
حزب الخضر اللبناني
وكون هذه الجريمة تتكرر وبصور مختلفة في كافة الأراضي اللبنانية، فقد أرسل حزب الخضر اللبناني مشكورا الشكوى إلى موقعنا "إليسار نيوز"بعد أن أرسلها أحد المواطنين مرفقة بالصور لهذه الجريمة البيئية المزمنة، والتي تطاول أحد أخصب سهول لبنان، وكتب المواطن الذي رفض ذكر اسمه في الرسالة المرفقة: "لمن يهمه الأمر، إن محطة التكرير الواقعة في بلدة إيعات قضاء بعلبك، والتي تستقبل كل مياه مجارير بعلبك وعدة قرى، إن المحطة معطلة والمياه الآسنة تغرق السهل الزراعي، لتتحول إلى مجرى مياه اليمونة التاريخي، وتغرق الأراضي الزراعية وصولا إلى بلدة الكنيسة ومنها، وراجع الأهالي بذلك، ولا حياة لمن تنادي!"
مختار بلدة الكنيسة
وفي هذا السياق، تواصلنا مع مختار بلدة الكنيسة قاسم زعيتر وقال لـ "إليسار نيوز": "هذه المياه الآسنة القادمة من بعلبك وقرى أخرى دورس وعين بورضاي والجمالية وحوش تل صفية وغيرها، تغزق الأراضي والطرق في بلدات دير الأحمر وشليفا والكنيسة، وتقدمنا بعريضة لبلدة دير الأحمر بالبداية ظانين أن المصدر منها، ولكنها مع القرى الأخرى المتضررة قامت بدورها بتقديم شكاوى للمعنيين، وتقدمنا بعدة شكاوى مختلفة إلى العمل البلدي والمحافظة، وقد تقدمت بتاريخ 1 آذار/مارس 2019، بشكوى تحت رقم 652، مع مختار إيعات نواف زعيتر لسعادة المحافظ والمعنيين (الصورة مرفقة مع باقي الصور) نبين فيها ما يحصل في بلدتنا".
وقال مصدر من بلدة الكنيسة: "تشكل هذه المياه مستنقعا كبيرا في المنطقة، وتطاول المياه أراض زرعت بالحبوب مثل الشعير وغيرها، فضلا عن أراض كانت تزرع سابقا، إلا أن المزارعين لن يتمكنوا من حرث أراضيهم والعمل بها بسبب تجمع هذه المياه الآسنة، ولا زالت المحطة تستقبل المياه الآسنة من القرى وتصرف معظمها دون معالجة، نحو السهل لتلوث ما تتدفق نحوه".
فإلى متى يستمر استنزاف الدولة في المشاريع المختلفة "غير المكتملة" أو "الناقصة"، فمحطة التكرير هذه في وقت ما، كانت تعتبر نعمة على المنطقة، بينما تحولت اليوم إلى نقمة، بسبب سوء التنسيق في إدارتها وصيانتها، كونها كانت تكرر المياه ليعاد استغلالها في مشاريع الري، وتحولت لأسباب عدة، نترك أمر شرحها للمختصين كما هو الحال في محطات التكرير المختلفة، تلك المتوقفة عن العمل أو العاملة أو التي تنتظر التشغيل منذ سنوات (محطة العباسية جنوبا على سبيل المثال)، إذ أنها لا تلوث الأراضي الزراعية ومصادر المياه الأخرى فحسب، بل تشكل بؤرة لتكاثر الحشرات في فترة الربيع والصيف، ما يمكن أن يؤدي إلى نتائج وخيمة على الصحة العامة، وعلى المزروعات التي ستتأثر نتيجة هذا الأمر لجهة النوعية والكمية، ولا يكفي هذا، بل إن هذه المستنقعات "المستحدثة" نتيجة هذه المحطة بالذات تجاور المنازل السكنية وتخترق الطرق وتبعث الروائح المزعجة ليل نهار، وهذا يطرح السؤال عن المسؤول عن إدارة وصيانة واستدامة عمل هذه المنشآت على المدى البعيد، فمن يحاسب ويراقب ويتابع، ويفحص المياه الناتجة عنها ويقوم بإزالة كميات "السلادج" المتراكمة فيها فضلا عن تزويدها بالطاقة والفيول لعملها، وعن مراقبة أثرها البيئي والزراعي في كافة مراحل عملها وصولا إلى تحولها من محطة تكرير للمياه إلى موزع للمياه الآسنة.
ونضع الصور المرفقة، بعهدة المعنيين في وزارات الداخلية، الطاقة والمياه، الزراعة، البيئة والسياحة، بداية لما تشكله هذه المياه الآسنة من ضربة موجعة لكافة هذه القطاعات، وثانيا للوصول إلى حل ناجع ومستدام على المدى البعيد، وعلى هذه الوزارات التنسيق فيما بينها لرفع هذا الضرر المستمر ومنذ سنوات على المواطن والأراضي الزراعية.