اللبنانية نجاة صليبا تفوز بجائزة لوريال – اليونسكو من أجل المرأة في العلم!
"إليسار نيوز" Elissar News
بمناسبة اليوم الدولي للمرأة والفتاة في مجال العلوم، أعلنت مؤسسة لوريال واليونسكو عن أسماء الفائزات في النسخة والواحدة والعشرين من الجوائز العالمية لبرنامج لوريال-اليونسكو من أجل المرأة في العلم، الذي يكرم خمس عالمات رائدات سنويا، تمثل كلن منهن قارة، لتميزهن ببحوثهن في مجالات العلوم والرياضيات وعلوم الكمبيوتر.
وستحصل كل من هذه النساء على 100,000 يورو، وسيتم الإحتفال بإنجازاتهن في احتفال ضخم في العاصمة الفرنسية باريس، بالإضافة إلى تكريم لـ 15 عالمة صاعدة وواعدة من أنحاء العالم لإنجازاتهن العلمية، وذلك خلال حفل تكريمي سيقام في 14 آذار/مارس 2019 في المقر الرئيسي لليونسكو في باريس.
وقد فازت عن آسيا، البروفيسور ماكي كاواي – في مجال الكيمياء مديرة عامة لمعهد العلوم البيولوجية الجزئية والخلوية في جامعة طوكيو، اليابان، وعضو في مجلس العلوم في اليابان، وعن أميركا اللاتينية، بروفيسور كارين هالبرغ - الفيزياء - فيزياء المادة المكثفة، وهي بروفيسور في معهد بالسيرو ومديرة الأبحاث في المركز الذري في باريلوش، الأرجنتين، وعن أميركا الشمالية، بروفيسور انغريد دوبشيز - الرياضيات/الفيزياء الرياضية، ودوبشيز بروفيسور في الرياضيّات والهندسة الكهربائيّة والحاسوبيّة، جامعة ديوك، الولايات المتحدة الأميركية، وعن أوروبا، بروفيسور كلير فويسن – الرياضيات/الهندسة الجبرية، وهي بروفيسور في كلية فرنسا وباحثة سابقة في المركز الوطني للبحوث العلمية، وعن أفريقيا والدول العربية: البروفيسور نجاة عون صاليبا - الكيمياء التحليلية وكيمياء الغلاف الجوي، بروفيسور في الكيمياء ومديرة مركز حماية الطبيعة في الجامعة الأميركية في بيروت.
وقد نالت البروفيسور نجاة عون صليبا هذه الجائزة لعملها الخلاق في مجالي الكيمياء التحليلية وكيمياء الغلاف الجوي، والذي سيعالج أكثر التحديات البيئية إلحاحاً لدفع سياسات الرعاية الصحية وممارساتها نحو الأمام .
ويعتبر تلوث الهواء عالمياً، أعظم خطر بيئي على صحة الإنسان، وبحسب تقديرات "منظمة الصحة العالمية"، من بين ثمانية حالات وفاة حالة واحدة تنتج عن تلوث الجو أو تلوث الهواء الداخلي.
وفي هذا المجال، تقوم البروفيسور نجاة عون صليبا، الحائزة على جائزة لوريال-يونيسكو في مجال الكيمياء، بأبحاث رائدة على مستوى العالم حول التركيب الكيميائي والسُمي للهواء الملوث، مع التركيز على نسبة الهباء الجوي القابل للاستنشاق.
تعتبر صليبا باحثة رائدة في تقييم وفهم تحولات الملوثات الجوية في لبنان والشرق الأوسط، وخبيرة عالمية مشهود لها في مجال تحديد المواد السُمية والمسرطنة الناتجة عن انبعاثات الأجهزة المشبعة بالنيكوتين القابلة وغير القابلة للاحتراق مثل النرجيلة والسجائر الإلكترونية.
وفي موازاة عملها البحثي، تنشط البروفيسور صليبا في مجال تعميق وزيادة وعي السلطات الحكومية ومنظمات الصحة الدولية والمجتمعات الأهلية حول نتائج أبحاثها، وتسعى للتأثير على السياسات الصحية العامة. لقد أسست أول قاعدة بيانات حول الملوثات الجوية الرئيسية في لبنان، وأثبتت أن حرق نفايات البلد في الأماكن المفتوحة أدى إلى ارتفاع نسبة المواد السامة في الهواء بحوالي 1500 بالمئة.
تنطلق دوافع صليبا من رغبتها في معرفة جذور المخاطر الصحية والبيئية على مستوى جزيئي، "إن فهم التركيبة الجُزيئية وآليات التفاعلات تسمح لنا برؤية الصورة الشاملة للمناخ والبيئة"، كما صرحت.
ترعرعت البروفيسور صليبا في مزرعة الموز التي تملكها عائلتها في ريف لبنان وتشاركت مع والدها تعلقها العميق بالأرض، عندما اندلعت لاحقاً الحرب الأهليًة انتقلت إلى المدينة، الأمر الذي أدى إلى عرقلة دراستها، حيث أدركت أيضاً الوقائع المقلقة لتلوث الهواء وذلك بالتزامن مع إحدى الفضائح المتعلقة بصفقات استيراد نفط "غير نظيف" إلى لبنان، وقد شهدت أيضاً على إصابة أقربائها وأصدقائها وزملائها بمشكلات صحية نتيجة للتعرض للمواد السامة المنتشرة في البيئة، كانت ترغب دائماً بأن تصبح معلمة، فمارست مهنة التعليم الثانوي لمدة ست سنوات، قبل أن تتعمق في المجال العلمي من خلال متابعتها لدراستها في الكيمياء التحليلية وكيمياء الجو في الولايات المتحدة الأميركية.
وعندما عادت إلى لبنان، أنشأت فريق أبحاث بيئي من اختصاصات متعددة في الجامعة الأميركية في بيروت، وقالت:"لم يردعني شيء من التقدم نحو الأمام. كنت أركز بشدة على عملي، وأثق بأبحاثي العلمية وكنت متأكدة بأن أثرها سيكون حتمياً"، وهي تعتقد بأن برنامج منح لوريال – يونسكو "من أجل المرأة في العلم" سيساعد على تقدير الباحثات أكثر في لبنان وفي الاقتصادات الناشئة، وسيساهم في تعزيز قيمة الأبحاث المتقاطعة الإختصاصات وضرورتها لتقدم العلوم البيئية.
وقامت البروفيسور بابتكار طرق تحليلية فعالة لقياس المكونات الرئيسية السامة لدخان التبغ وهذه واحدة من إنجازاتها الكثيرة. وكانت أول من حدد المكونات المسرطنة في النرجيلة (مثل الفورمالديهايد)، وقامت كذلك بقياس كميات كبيرة من المكونات الرئيسة السامة التي تُستنشق بمجرد تدخين النرجيلة لمرة واحدة فحسب (مثل الهيدروكربون العطري المتعدد الحلقات)، وقامت مؤخراً بكتابة أول تقرير مناقض للرأي السائد في ما يتعلق بانبعاث أول أوكسيد الكربون من السجائر الإلكترونية .
حازت البروفيسور صليبا مع فريقها البحثي المتعدد الإختصاصات على جائزة "الجمعية النفسية الأميركية"، وعلى جائزة التميز العلمي من المجلس الوطني للبحوث العلمية عن فئة علوم البيئة.
في المستقبل، ستساهم البرفيسور صليبا في ابتكار نهج متكامل وشمولي يهدف لإيجاد حلول متلائمة وتحديات تغير المناخ في الشرق الأوسط، وهي تتعاون مع زملائها الباحثين والباحثات لتحقيق حلمها وهو معرفة تأثيرات الجسيمات الجوية القابلة للاستنشاق على أعضاء الإنسان ووربطها بالإصابة بأمراض مثل الألزهايمر والخرف وسرطان الأطفال، وتشعر صليبا بالحماسة بسبب ارتفاع عدد النساء الباحثات في مجال العلم، وتستطرد أكثر لتؤكد أن العلم "سيحقق العدالة في الأرض، عندما يتجاوز عدد النساء الباحثات نظرائهم من الباحثين".
وأضافت:" النساء أكثر معرفةً، لا يخفن من مشاركة آرائهن، ومنفتحات جداً إزاء التعاون مع الآخرين، وهذه مقومات حيوية لتطوير مقاربات علمية كاملة وفعالة". لم تتراجع البروفيسور صليبا أبداً أمام التحيز والأفكار النمطية الجندرية، واضعة نصب عينيها تحقيق أهدافها بمنأى عن الانتقاد حيث أكدت:"أنا فخورة بنفسي ولطالما تصرفت على سجيتي أي كإمرأة حساسة جداً وذكية وأنيقة".
ولكسر هذا الحاجز الذي يعيق وصول النساء للمواقع القيادية، تعتقد بأنه على الباحثات تجاوز الحواجز الاجتماعية والثقافية على الصعيد الشخصي والمحلي والدولي، "المرأة في العلم هي طريقة حياة، إنها حالة ذهنية مبنية على منطق قوي وقرائن علمية"، كما صرحت. إضافة إلى ذلك، تعتقد أن هذه المسيرة تمر عبر الإقتداء بأمثلة رائدة ومشاركة قصص النجاح، فهي شخصياً قد تأثرت بمشرفتها في مرحلة ما بعد الدكتوراه، الدكتورة باربره فينلايسون بيتس الرائدة في مجال البيئة الجوية. وأخيراً، غالباً ما تطلب من طلابها الإناث " الدفاع عن حقوقهن وتعزيز ثقتهن في أعمالهن، وأن يتجرأن على الحلم".