لماذا قرر وزير الصحة إخلاء مستشفى الفنار للأمراض النفسية والعصبية وإحالة القضية على التحقيق؟
"إليسار نيوز" Elissar News
بعد نشر المواطنة حياة جابر علي أحمد Hayat Jaber Ali Ahmad صورا على صفحتها على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" تم التقاطها لمستشفى الفنار للأمراض النفسية والعصبية في المصيلح، وعرضت للحالة المزرية التي يعاني منها قاطنو المستشفى، ويبدو أن مأساة المستشفى وصلت لوزارة الصحة ، فقد قام وزير الصحة العامة جميل جبق بتفقد هذا المشتشفى، وأعلن بعد الزيارة أن الوزارة ستخلي مستشفى الفنار للأمراض النفسية والعصبية في المصيلح في غضون يومين كونها غير مؤهلة، على أن يُنقل المرضى فيها إلى عدد من المستشفيات الأخرى على عاتق وزارة الصحة.
وكتبت أحمد على صفحتها على "فيسبوك" نصا أخذنا منه بعض الفقرات يصور الدرك الذي وصل إليه المستشفى: "اتصلت بي قريبتي هدى بيطار جمعة وطلبت مني مرافقتها إلى مستشفى الفنار للطب النفسي لتوزيع كمية كبيرة من الحرامات على المرضى .. طبعا رحبت جدا بالفكرة وتفرغت صباح هذا اليوم لتلك المهمة. فمن البعيد وعلى رأس جبل في الزهراني، تراءى لي مبنى المستشفى بلونه الأرميدي (القرميدي)، وهندسته الجميلة، محيطا بغابة من الاشجار، وحين وصلنا وجدنا رجلا سألناه عن المدير المسؤول قال : " ان زوجة السيد اللبان، الذي بنى المستشفى، استلمت بعد موته ادارتها، وهي ألزهايمر (تعاني من مرض ألزهايمر) الآن، وتسكن الفيلا الصغيرة تلك ، وابنتها ايضا مريضة، الآن لا احدا مسؤول ... واضاف حين سألناه عن مصير المرضى، المؤسسة ليست ماشية، فهي تموت بمن فيها، من سنتين لم يسأل عنا احدا، ووزارة الصحة تتهرب ولا تجيب، لم نقبض راتبنا انا وكم موظف هنا منذ اكثر من سنتين، لم يبق سوى قلة من الموظفين، ودكتور طفيلي وكنج للاعصاب ، ودكتور غصن صحة عامة، والطباخ وصافي العشّي"
وأضافت "أصبنا بصدمة كبيرة انا وقريبتي حين نزلنا طابق النساء، لم ار بحيااتي ما رأيناه ، ثياب المرضى البالية ، مصفوفة فوق بعضها بفوضى رهيبة على الدرج، ونفايات واوساخ وزبالة نثرت في كل مكان، كما في الصور (المرفقة)، وآثار أو ما تبقى من ألوان ( دهان ) على الحيطان والادراج والقاعات والكراسي والدرابزينات المزنجرة، وحين دخلنا إلى قاعة كبيرة حيث أسرة المرضى الممزقة والمتسخة وبلا الشراشف، وقفت اللواتي تستطيع منهن الوقوف إلى جانب بعضهن البعض، ترتجفن من الخوف ومن البرد، لانه ليس لديهم مازوت للتدفئة ، ولا كهرباء، لا اشتراك، ولا بطاريات، أسرعنا بتوزيع الحرامات ووضعها على اكتافهم كي يشعرن بالدفء، وركضت بعضهن تشكي وتبكي لنا معاناتها، احداهن أقسمت ان عقلها سليم وتريدنا مساعدتها على الخروج، وغيرها حدثتنا كيف تخلص منها والديها لان شكلها غير مرغوب به ، واخرى رماها زوج امها، وشابة ارمنية لا تعلم لماذا اتوا بها إلى هذا المركز وتوسلت الينا لانقاذها، وغيرهن كثيرات وراء كل منهن قصة، اما الحالات الخاصة جدا، يقبعن في اسرتهن من دون حراك،
لم نستطع التحمل اكثر هممنا بالخروج لحق بنا رجلا وهو يصرخ لا اريد الرز والعدس، مللت أكلهم اشفقوا على ليس لي في الحياة سوى صحن آكله عن الظهر، ضحك الطباخ صافي حين سألناه ما مشكلة العدس او الرز، اجابنا ان مشكلتها ابتدات من اكثر من سنة ولم تزل ، اذ لا طعام سواه، حين صرخنا اجابنا احدهم بحرقة والدمعة في عينيه" : أقسم انني ساموت من فقدان الانسانية، لا شفقة ولا رحمة، وزارة الصحة تنحت من واجباتها رغما انها تقبض على كل مريض مبلغا من ايطالية، لا مؤسسة ولا دولة مسؤولة، لا يجبرني على الاستمرار في عملي سوى هؤلاء المساكين، وأضاف الطباخ : وانا، من يطعمهم العدس لو تركت ؟؟...انزلي إلى المطبخ وشاهدي ، لن تجدين كيس بطاطا او غيره".
وأشارت أحمد إلى أن "المرضى من كل الاطياف، ففي المصح دروز وسنة ومسيحية وشيعة، وايضا ارمني، مواطنون لبنانيون من كل الاطياف والفئات مقبعون هنا في تلك المستشفى المهملة، هل من اصوات انسانية تصرخ، تعترض، تعبر ؟؟"
وبعد تفقد الوزير جبق المستشفى، قال: "ما رأيته مأساة أخلاقية اجتماعية صحية، وهذه ليست مستشفى، وكان يجب إقفالها منذ زمن"، مضيفاً: "سنحيل هذه القضية على النيابة العامة للتحقيق فيها".
واشار جبق إلى ان "الدولة تقدم مساعدات للمستشفى وهناك مساعدات تأتي من الدول المانحة، ولدينا معلومات بأن الادارة تأخذ مالا عن كل مريض يدخل إلى المستشفى ولدينا وقائع تثبت ذلك".