بحث صادم... البلاستيك في طعامنا!
Suzanne Daou
رصد وترجمة: سوزان أبو سعيد ضو
أكدت دراسة حديثة صادمة قدمت في أسبوع طب الجهاز الهضمي للاتحاد الأوروبي United European Gastroenterology (UEG) Week، أن جزيئات من لدائن البلاستيك المتناهية في الصغر والمعروفة بالميكروبلاستيك وجدت في البراز البشري ما يشير إلى انتشاره في السلسلة الغذائية.
الميكروبلاستيك
وفي الدراسة قام علماء نمساويون باختبار عينات من البراز من ثمانية مشاركين في الدراسة من بلدان مختلفة، وأتت النتائج إيجابية لوجود نوع من الأنواع التسعة المختلفة للميكروبلاستيك والتي يتراوح حجمها من 50 إلى 500 ميكرومتر (جزء من الألف من السنتمتر)، والتي عادة ما تتكون نتيجة تحلل مواد بلاستيكية أكبر تلوث المحيطات، مثل الزجاجات والأكياس وغيرها.
ولفت الباحثون إلى ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث نظرا لصغر حجم الدراسة وأبرزوا أنه لا يمكن القول على وجه اليقين أن اللدائن الدقيقة جاءت من الوجبات التي تناولها هؤلاء الأشخاص.
ودعا الفريق الذي يقف وراء هذا البحث إلى القيام بمزيد من العمل لدراسة يمكن أن تعنيه هذه النتائج بالنسبة لصحة الإنسان.
الدراسة
وقال الباحث الرئيسي الدكتور فيليب شوابل Philipp Schwabl ، من جامعة فيينا الطبية Medical University of Vienna: "هذه أول دراسة من نوعها وتؤكد ما كنا نشك به منذ فترة طويلة، وهو أن اللدائن البلاستيكية تصل في النهاية إلى أمعاء الإنسان".
وأتى المشاركون الثمانية من كافة أنحاء العالم: فنلندا وإيطاليا واليابان وهولندا وبولندا وروسيا والمملكة المتحدة والنمسا، واحتفظوا بيوميات لما تناولوه من طعام لمدة أسبوع قبل اختبار البراز.
وأظهرت اليوميات أن الثمانية تعرضوا للأطعمة البلاستيكية المغلفة، بينما تناول ستة أطعمة بحرية، وفي المتوسط ، تم شرب 750 ملليلتر من الماء من زجاجات المياه البلاستيكية من قبل المشاركين ، ولم يكن أي منهم نباتيين.
وقد وجدت دراسات سابقة أن اللدائن البلاستيكية الدقيقة موجودة في الأسماك والبيرة والمياه المعبأة في عبوات بلاستيكية وفي التربة ، وكذلك في الهواء.
وتم اختبار البراز لـ11 نوع من اللدائن البلاستيكية الدقيقة ، وتم تحديد تسعة منها لدى كل مشارك. تم العثور على 20 جزيئا من الميكروبلاستيك في 10 غراما من البراز ، منها البوليبروبلين polypropylene والمعروف اختصارا بـPP والبولي ايثيلين تيريفثاليت polyethylene terephthalate والمعروف اختصارا بـ PET وهي من المكونات الرئيسية للعبوات البلاستيكية وأغطيتها التي وجدت لدى جميع المشاركين. ولم يشر البحث إلى أن المواد البلاستيكية تتراكم أو تبقى في الجسم.
وقالت شوابل "من دواعي القلق بصفة خاصة ما يعنيه هذا بالنسبة لنا وخاصة المرضى الذين يعانون من أمراض في الجهاز الهضمي، بينما تم العثور على أعلى تركيزات من الميكروبلاستيك في الدراسات الحيوانية على القناة الهضمية، فإن جزيئات الميكروبلاستيك المتناهية في الصغر قادرة على دخول مجرى الدم والجهاز اللمفاوي وربما تصل إلى الكبد."
وأضاف "الآن وبعد أن أصبح لدينا أول دليل على وجود الميكروبلاستيك داخل البشر، فإننا بحاجة إلى المزيد من الأبحاث لفهم ما يعنيه هذا بالنسبة لصحة الإنسان".
وقال خبراء إنهم لم يفاجأوا بالنتائج التي توصلت إليها الدراسة، والتي توفر دليلاً آخر على انتشار المواد البلاستيكية الدقيقة في بيئتنا والآثار الضارة للتلوث البلاستيكي في محيطات العالم.
آراء خبراء
وقال بيتر جنكينسون Peter Jenkinson، العضو المنتدب في شركة الاستشارات البيئية CEHTRA :"نحن نعلم أن اللدائن الدقيقة متوطنة في البيئة، وفي المنتجات الاستهلاكية التي نستخدمها جميعًا ، وفي أنسجة العديد من أنواع الحيوانات المختلفة التي نستهلكها بشكل مباشر أو غير مباشر، لذا سيكون من المفاجئ أكثر إذا لم يكتشفوا هذه اللدائن في البراز البشري".
وأضافت الباحثة ستيفاني رايت Stephanie Wright من في كلية كينغز كوليدج King\\\\\\\\\\\\\\\s College في لندن: "لا يوجد دليل على وجود مادة بلاستيكية صغيرة في الجسم، ولكنها كانت موجودة في الجسم وعبرت خلاله، وبالتالي لا يظهر ذلك أي دليل على تراكم هذه المادة"، ويأمل الباحثون في تأمين التمويل لإجراء دراسات أوسع.
أما البروفسور العلوم البيئية بجامعة يورك University of York في إنجلترا أليستر بوكسال Alistair Boxall، فقال "هذه دراسة أولية إلى حد كبير" ، ودعا إلى بذل المزيد من الجهد لفهم مصدر هذه اللدائن، وأضاف:"ليس لدينا دليل دقيق من أين تأتي هذه المواد فقد تأتي معظم هذه المواد من غبار المنزل واستخدام العبوات البلاستيكية والتغليف أو على سبيل المثال ، ألياف النايلون من مجفف الملابس".
وأضاف بوكسال: "لفهم مصادر التعرض حقًا ، نحتاج إلى مزيد من الدراسات الدقيقة حيث نراقب عن كثب الأنشطة اليومية للأشخاص والمحيط التي يتعرضون له".
هذا وصوت البرلمان الأوروبي في الشهر الماضي لصالح فرض حظر على استخدام اللدائن الدقيقة في مستحضرات التجميل، والتي تم تصميمها خصيصًا لهذا المجال من الإستعمالات.
لكن بالمقابل فإنه يطفو ما يقدر بنحو 150 مليون طن من البلاستيك في محيطات العالم ، فضلا عن دخول ثمانية ملايين طن إضافي سنويا ، وفقا للمنتدى الاقتصادي العالمي The World Economic Forum.
المصدر: عن CNN بتصرف.