حوت الأوركا... نصف أعداده معرضة للنفوق بسبب التلوث!
ترجمة ورصد: "إليسار نيوز" Elissar News
كتبت صحيفة "الغارديان" مقالا عنوانه Orca \\\apocalypse\\\: half of killer whales doomed to die from pollution، أي نهاية "حوت الأوركا... نصف أعداده معرضة للنفوق بسبب التلوث"، وفقا لبحث علمي حديث نشرته دورية Science العلمية، وتوصلت لأسباب نفوق حوت الأوركا والمعروف أيضا باسم الحيتان القاتلة واسمه العلمي Orcinus orca والسبب الرئيس هو مركبات الملوثات العضوية السامة والثابتة toxic and persistent pollution والتي منع استعمالها منذ عقود، إلا أن آثارها لا زالت في الطبيعة وخصوصا في أجساد هذه الحيتان كونها على رأس السلسلة الغذائية.
أكبر تحليل لـ "الأوركا"
وقام الباحثون بدراسة مستويات مركبات "ثنائي الفينل متعدد الكلور"، أو الـ Polychlorinated biphenyl المعروفة اختصارا بـ PCBs، لدى 351 من "حيتان الأوركا" وهو أكبر تحليل يجري في هذا المجال حتى تاريخه، ثم أخذ العلماء بيانات موجودة عن كيفية تأثير هذه المركبات على بقاء صغار الحيتان وعلى أنظمة المناعة لديها، واستخدمت تلك المعلومات لنمذجة الطريقة التي ستتحكم بمجموعات الحيتان في المستقبل، وقد خلصت الدراسة إلى أن "أعداد حيتان (الأوركا) في اليابان والبرازيل وشمال شرق المحيط الهادئ ومضيق جبل طارق والمملكة المتحدة تميل نحو إلى التدهور التام".
تلوث رغم الحظر!
على الرغم من أن هذه المواد الكيميائية السامة، أي مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور قد تم حظرها منذ عقود، إلا أنها لا زالت تتسرب إلى البحار، وتصبح مركزة في أعلى السلسلة الغذائية، أي في أنسجةالحيتان القاتلة، وهي أكبر الحيوانات المفترسة، ونتيجة لذلك فهي أكثر الحيوانات تلوثًا على وجه الأرض. الأسوأ من ذلك ، أن حليب الإناث الغني بالدهون يمرر جرعات عالية جداً من هذه السموم لصغارها حديثي الولادة.
وقد وجد العلماء أن تركيزات "ثنائي الفينيل متعدد الكلور" الموجودة في هذه الحيتان يمكن أن تكون فوق المستويات الآمنة 100 مرة، وتضر بشدة بالأعضاء التناسلية وتتسبب بمرض السرطان كما تقوض عمل الجهاز المناعي، كما حلل البحث الجديد احتمالات أعداد هذه الحيتان خلال القرن المقبل، ووجدت الدراسة أن تلك الموجودة على شواطئ الدول الصناعية يمكن أن تختفي في وقت قريب، أي بين 30 و50 سنة.
وتعد آخر مجموعة لهذه الحيتان في المملكة المتحدة، من بين الحيتان الأكثر تعرضًا للمخاطر حيث كشفت حالة نفوق حديثة عن إحدى أعلى مستويات "ثنائي الفينيل متعدد الكلور" التي سجلت على الإطلاق، كما تتعرض أعداد أخرى في جبل طارق واليابان والبرازيل وفي شمال شرق المحيط الهادئ لخطر كبير، فالحيتان القاتلة (الأوركا) هي واحدة من الثدييات الأكثر انتشارًا على وجه الأرض، لكنها لم تعد موجودة في بحر الشمال وحول إسبانيا والعديد من الأماكن الأخرى.
حوت "الأوركا"
وقال بول جيبسون Paul D Jepsonمن جمعية علم الحيوان في لندن Zoological Society of London، والجمعية جزء من فريق البحث الدولي الذي عمل على الدراسة الجديدة: "إنه يشبه الكارثة لهذا الحوت القاتل"، وأضاف: "حتى في الحالات الأفضل فهي بطيئة للغاية في التكاثر"، ويتطلب الأمر من هذه الحيتان وهي بحالة صحية جيدة 20 عامًا للوصول إلى مرحلة الذروة من النضج الجنسي و18 شهرًا فترة حملها.
وقد تم استخدام "مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور" في كافة أنحاء العالم منذ ثلاثينيات القرن الماضي في المكونات الكهربائية والبلاستيك والدهانات ولكن سُمّيتها معروفة منذ 50 عامًا، وقد حظرتها الدول في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، ولكن 80 بالمئة من مليون طن تم إنتاجه، لم يتم معالجتها والتخلص منها بعد، وما زالت تتسرب إلى البحار من مواقع طمر النفايات ومن مصادر أخرى.
اتفاقية ستوكهولم
وقد دخلت "اتفاقية ستوكهولم الدولية للملوثات العضوية الثابتة" Stockholm Convention on Persistent Organic Pollutants حيز التنفيذ في عام 2004 لمعالجة هذه المسألة ، لكن جيبسون أكد إن "عملية التنظيف تتخلف عن الجدول الزمني"، وأضاف: "أعتقد أن اتفاقية استوكهولم قد فشلت"، وأشار إلى أن: "المنطقة الوحيدة التي أشعر بالتفاؤل فيها هي الولايات المتحدة، فلقد أنتجوا وحدهم 50 بالمئة من جميع مركبات "ثنائي الفينيل متعدد الكلور"، لكنهم كانوا يسجلون مستويات منخفضة باستمرار من هذه المواد على مدى عقود، كل ما فعلناه في أوروبا هو حظرها ومن ثم نأمل اختفاءها".
وقال الباحثون إن مركبات "ثنائي الفينيل متعدد الكلور" هي مجرد ملوث واحد موجود في الحيتان القاتلة ، مع وجود "قائمة طويلة من الملوثات الإضافية المعروفة وغير الملوثة بعد". ومن المشاكل الأخرى التي تواجه الحيتان القاتلة فقدان أنواع الفرائس الرئيسية مثل التونة وأسماك القرش والصيد الجائر وتزايد التلوث الصوتي الناجم عن الضوضاء تحت الماء.
آراء خبراء
وقالت لوسي بابيي Lucy Babey، نائب مدير مجموعة "المحافظة على الأوركا" Orca Conservancy: "إن إخفاقاتنا الهائلة في السيطرة على التلوث الكيميائي الذي ينتهي في محيطاتنا قد تسبب في كارثة (حيتان أوركا القاتلة) على نطاق ضخم. من الضروري أن تكون متطلبات التخلص الآمن من مركبات (ثنائي الفينيل متعدد الكلور) بموجب اتفاقية استكهولم ملزمة قانونياً في الاجتماع القادم في أيار/مايو 2019، بهدف وقف هذه الفضيحة"، وأشارت إلى أنه "قد وجد العلماء سابقاً مستويات غير عادية من التلوث السام حتى في نقطة ماريانا Mariana Trench في المحيط الهادئ على عمق 10 كيلومترات"، وهذا الخندق يعد أعمق نقطة في العالم.
قالت جنيفر لونسديل Jennifer Lonsdale، رئيسة مجموعة الحيتان في "وايلدلايف آند كانتريسايد لينك" Wildlife and Countryside Link: "تعتبر هذه الدراسة الجديدة بمثابة إنذار عالمي حول حالة محيطاتنا"، وأضافت "إذا كانت حكومة المملكة المتحدة ترغب في أن يكون قانون البيئة المقترح الخاص بها على مستوى العالم ، فعليها وضع أهداف طموحة للتخلص من (ثنائي الفينيل متعدد الكلور) والحماية من المزيد من التلوث الكيميائي لمياهنا".
الملوّث يدفع!
وقال جيبسون "أظهر البحث أن أعداد الحيتان القاتلة في الشمال الأقصى، لا سيما قبالة النرويج وأيسلندا وكندا وجزر الفاروس، فالمنطقة أقل تلوثاً بكثير بسبب بعدها عن مصادر (ثنائي الفينيل متعدد الكلور" الرئيسية)، وأضاف: "إنه الشيء الوحيد الذي يعطيني الأمل في الحيتان القاتلة على المدى الطويل، لكن نعم ، سنفقد الحيتان في كافة أنحاء المناطق الصناعية ، ولكن هناك أعدادا منها تتكاثر بشكل جيد في القطب الشمالي".
وأشار إلى أنه "إذا أمكن تحقيق عملية تنظيف عالمية، وقد تستغرق عقودًا ، فإن الحيتان يمكنها في نهاية الأمر إعادة ملء المناطق الفارغة" ولفت إلى أن "الحيتان القاتلة (الأوركا) ذكية للغاية، ولديها روابط أسرية قوية وتصطاد ضمن مجموعات"، وأضاف: "إنه نوع متكيف بشكل لا يصدق - لقد تمكن هذا النوع من العيش والتأقلم في مناطق من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي وفي كل مكان بينهما".
وأثنى جيبسون على عمليات تنظيف "الدول الكبرى" التي تبلغ قيمتها مليار دولار في الولايات المتحدة، كما هو الحال في نهر هدسون Hudson River وبوجيت ساوند Puget Soun، حيث دفع الملّوث معظم التكاليف: "إن الولايات المتحدة تتجه إلى ما بعد اتفاقية استكهولم، لأنهم يعرفون مقدار سمية مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور".
المصادر: The Guardian، Science