إطلاق مشروع المنصات العائمة في بحيرة القرعون... د. سليم: إيجابي في وضع البحيرة الكارثي
"إليسار نيوز" Elissar News – فاديا جمعة
تطلق "المصلحة الوطنية لنهر الليطاني" يوم الاربعاء 19 أيلول/سبتمبر الجاري مشروع المنصات العائمة في بحيرة القرعون، للتخفيف من إنتشار الطحالب وحجب أشعة الشمس واستنزاف الأوكسيجين من البحيرة والروائح الكريهة للمياه وإفراز مواد سامة ناجمة عن السيانوبكتيريا، بالتعاون مع World Waternet ضمن المشروع الهولندي والذي يتضمن وضع إحدى عشر منصة عائمة مثبتة في البحيرة تقوم بقياس نوعية المياه وتعمل بنظام الطاقة الشمسية للحد من نمو الطحالب، من خلال إصدار موجات ما فوق الصوتية.
وبحسب المصلحة، فقد أثبتت التجربة ابتداء من تموز/يوليو الماضي تحسنا في نوعية المياه حيث انخفض اللون الاخضر المعبر عن "البلوم"، وبعد الدراسة المجهرية التي قام بها خبراء تبين وبالمقارنة مع شهر آب/أغسطس المنصرم الخلل الواضح لخلايا السيانوبكتيريا، وهذه الاخيرة فقدت إمكانية التواجد في الطبقات العليا، وبسقوطها الى الطبقات السفلى تفقد امكانية التغذية عن طريق التركيب الضوئي.
تجدر الإشارة إلى أن هذه التجربة مجانية إلى أن تتأكد نجاعتها، علما أن هذه الخطوة على أهميتها في الحد من تبعات التلوث (في البحيرة) لا تغني عن معالجة أسبابه الحقيقية، لجهة وقف مصادر التلوث في نهر الليطاني، وهذا ما تطالب به وتعمل عليه المصلحة الوطنية عبر سلسلة من الإجراءات والتبليغات.
دراسة الدكتور سليم
وننشر في ما يلي دراسة للدكتور كمال سليم صادرة عن "مركز البحوث العلمية" بعنوان: "الواقع البيئي في بحيرة القرعون قبل وبعد وضع منصات (عدد 11) ال، ultrasound"، وجاءت على النحو الآتي:
-بحيرة القرعون خلال عقدين لغاية شهر آب/أغسطس 2018:
ان الشكوى من تلوث بحيرة القرعون أصبح الشاغل الاوحد لكل العاملين بالشأن العام من مسؤولين وإدارات محلية وقطاع أهلي ومراكز الابحاث، نظراً لما تشكله هذه الآفة من أضرار جسيمة على هذا المورد الحيوي.
أنشىء سد القرعون سنة 1959 وتبلغ سعة تخزينه حوالي 220 مليون م3، يستخدم منها 160مليون م3 بشكل سنوي للري وتوليد الطاقة، بينها 60 مليون م3 كمخزون للموسم الجاف.
لمياه البحيرة استعمالات متعددة: انتاج كهرباء، ري، سياحة وثروة سمكية، وتعتاش منها عشرات العائلات. أما مصادر التلوث فهي عائدة الى النفايات الصلبة، المخلفات الصناعية، الصرف الصحي، التلوث الزراعي، وهي بحق "خزان للنفايات" السائلة والصلبة.
تعود بداية دراساتنا البيئية للبحيرة إلى سنة 1985 حيث أظهرت النتائج الدورية تلوثاً محدوداً (خلال الصيف) واحتوائها على تنوع بيولوجي من الطحالب الخضراء والمشطورات (108 نوعا)، وكذلك 8 انواع من الاسماك والبلاكتون الحيواني وهي بغالبيتها تؤشر الى نوعية مقبولة بيولوجياً.
وفي متابعة أخرى خلال سنتي 1993-1994 لم تتغير الاحوال البيئية مع تسجيل نسب أعلى للفوسفات من المعدل المسموح به وكذلك للنيترات. واستمر التوازن البيئي للكائنات البلانكتونية الطحلبية والحيوانية حاضرة مع تسجيل تواجد بعض الانواع من السيانوبكتريا غير المضرة.
بدأ التدهور البيئي بالظهور في بداية سنة 2008 عندما بدأ لون مياه البحيرة يميل الى اللون الأخضر القاتم مع انبعاث روائح كريهة. وقد تبين أن أنواع محددة من السيانوبكتريا تكاثرت بشكل غير طبيعي وتسببت بفرز مواد مسمة في البحيرة والقضاء على كل الاحياء المائية. ومن أكثر الانواع ضررا المتواجدة حالياً نوع Microcystis aeruginosa الذي يفرز مواد microcystine، وهذه الاخيرة بالإضافة إلى تسببها بالقضاء على التنوع البيولوجي مسؤولة عن موت أعداد كبيرة من صغار السمك، وسببت حالات تسمم خطيرة للحيوانات الداجنة. كما ان الانسان يتأثر بشكل مباشر من خلال الاستعمالات الشتى للمياه الملوثة، وخصوصا عند ممارسة السباحة. ومن الاضرار الصحية المحدقة به التسمم، الأمراض الجلدية، الحساسية خصوصا وأن هذه السموم يمكن أن تكون سبباً لسرطان الكبد ولأمراض معدية عديدة.
وفي السنوات الأخيرة ظهرت انواع اخرى وبشكل متقطع كأنواع من السيانوبكتيريا جديدة تتغذى مباشرة من الآزوت في الجو، وتحوله الى نيترات Aphanizomenonovalisporum ونوع جديد ظهر في الأشهر الاخيرة من السنة المنصرمة Microcystiswesenbergii.
من الأسباب الرئيسية للتدهور البيئي الحالي للبحيرة الزيادة الكبيرة لمعدلات تصريف مياه الصرف الصحي والزراعي المحملة بالأسمدة والمبيدات والغنية بتراكيزالفوسفات، وهي أهم مصدر للتشبع الغذائي في المياه. فكميات الفوسفات التي ترمى في البحيرة تستهلكها بالكامل أنواع السيانوبكتريا وهي مصدر اساسي لغذائها وتكاثرها مسببة لظاهرة البلوم. ومن الأسباب الاخرى أن لا نغفل ظاهرة التغير المناخي وارتفاع حرارة الجو التي تساهم بنمو وتكاثر الانواع، وكذلك انخفاض المتساقطات له أثر على هذه الظاهرة.
-أنواع السيانوبكتيريا التي استوطنت البحيرة
وضع البحيرة خلال شهر أيلول/سبتمبر وتأثير المنصات الفوق صوتية على السيانوبكتيريا.
تبين الصورة (مرفقة مع الصور) المرفقة محيط البحيرة حيث انخفض اللون الأخضر المعبر عن البلوم، وبعد الدراسة المجهرية تبين لنا وبالمقارنة عن شهر اب المنصرم الخلل الواضح لخلايا السيانوبكتيريا وهذه الاخيرة فقدت امكانية التوجد في الطبقات العليا وبسقوطها الى الطبقات السفلى تفقد امكانية التغذية عن طريق التركيب الضوئي.
وخلصت الدكتور سليم في الدراسة إلى أن "وجود المنصات يمكن أن يعتبر إيجابيا في وضع البحيرة الكارثي، وهذا لا يعني أنه الحل المثالي، فنحن بحاجة إلى مراقبة حثيثة ومستمرة وبأبحاث دقيقة للتأكد من فعالية هذه التقنية".