إطلاق دراسة عن المنطقة العاشرة في بيروت... تابت: لإزالة المخالفات كي يستعيد السكان علاقتهم بالبحر
"إليسار نيوز" Elissar News
نظم برنامج العدالة الاجتماعية والمدينة في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الأميركية في بيروت، مؤتمرا صحافيا في نقابة المهندسين في بيروت أطلق خلاله دراسة حول مشروع "المنطقة العاشرة في بيروت".
استهل المؤتمر بكلمة افتتاحية لنقيب المهندسين جاد تابت، ثم تولى تقديم الدراسة وشرحها الدكتورة منى فواز أستاذة الدراسات الحضرية والتخطيط، ومنسقة الدراسات العليا في التخطيط المدني والسياسات والتصميم في الجامعة الأميركية في بيروت ومديرة برنامج العدالة الاجتماعية والمدينة في معهد عصام فارس، وحبيب دبس المهندس المدني والمعماري، والخبير في تخطيط المدن.
وقالت فواز: "الغاية من لقائنا اليوم أن نضع في تصرف جميع الجهات الرسمية المعنية، على رأسها بلدية بيروت ومديرية التنظيم المدني، نتائج هذا العمل الدؤوب وأن نزودها نظاما يحدد استعمال الأراضي، استنادا لتحليل علمي وعملي للحالة الراهنة، كما نقترح سيناريوات متعددة تهدف الى تطوير الساحل، تجدون شرحا مفصلا حولها في الملف الذي بين أيديكم".
وأضافت: "نطرح إزاء هذا الواقع رؤية مختلفة جذريا ترتكز بشكل أساسي على نموذج يغلب التنمية الشاملة ويجعل من الساحل مساحة حاضنة، منفتحة، تجدد طاقاتها بشكل مستمر لتحوي مئات الأعمال التجارية من مطاعم وفنادق وأماكن ترفيهية ونواد رياضية وغيرها، مع المحافظة على تواصل الساحل وحرية الولوج إليه. تؤدي هذه المقاربة الى إعادة توزيع فرص العمل بشكل منصف وعادل ليصبح الساحل مصدر رزق لعدد أكبر بكثير من الأفراد.
إن النموذج الذي نطرحه عبر هذه الدراسة ليس غريبا عن العاصمة، أو بالأحرى، كان ميزة الساحل قبل الحرب اللبنانية. والدليل على ذلك هو أن أغلبية المنتجعات والفنادق التي شيدت في منطقة عين المريسة والروشة والزيتونة، وفندق الفينينسيا على سبيل المثال، حافظت على الساحل حين كان البناء محظورا بموجب التصميم التوجيهي الصادر عام 1952. هذا النموذج معتمد من قبل عدة دول التي يلهف اللبنانيين واللبنانيات إلى زيارتها للتمتع بشواطئها، مثل قبرص وتركيا واليونان وعمان ومصر غيرها. هو النموذج نفسه التي تجهد الدول الأوروبية الامتثال به، فإسبانيا مثلا بادرت مؤخرا الى هدم المنتجعات والفنادق التي شيدت على سواحلها في السبعينات".
وتابعت: "حان الوقت لندرك أن الساحل ملك الناس، وهو حق طبيعي مكرس في القانون وبات من الملح تجاوز سياسية "الأمر الواقع" المفروضة علينا منذ عقود.
وعلى الصعيد العملي، يستوجب حسن تطبيق الاقتراحات التي هي بين أيديكم خلق دوافع اقتصادية تشجع الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة الحجم، فضلا عن اعتماد سياسة ضريبية ترسي بيئة تحفيزية مستدامة بموازاة تعزيز مفهوم الملكية العامة والمشتركة والمحافظة على الساحل. هذه هي الخطوة الأولى التي نقترحها لإطلاق هذا المسار. ونحن عازمون كخطوة عملية ثانية على اللقاء والتواصل مع جميع المعنيين وصانعي القرار لمشاركتهم مضمون الدراسة وللدفع باتجاه إعادة النظر بالنهج المعتمد حالية بشأن تقسيم المناطق في مدينتنا".
وأشارت الى أن "بحثنا تضمن مسحا كاملا للأملاك البحرية الخاصة والعامة، كما رصد ماهية ممارسات الناس الاجتماعية على طول الساحل، وامتداد التراث الطبيعي والمبني، ومدى الإعتداءات على الأملاك العامة البحرية، ومصادر التلوث، والمزيد من المعلومات التي ستوضع تحت تصرف الصحافيين والباحثين.
كما تطرقت دراستنا الى طابعي الشاطئ البيئي والاجتماعي، فحددت على أساسها مناطق ذات طابع خاص أي ما يعرف بCharacter Zones، بحسب خصائصها البيئية والاجتماعيية التي تعرف هويتها وماهية دورها في المدينة، وذلك وفقا للفئات التالية:
- الشواطئ الرملية، (مسابح).
- الشواطئ الصخرية، (طبيعية وبيئية ومميزة تتوسطها صخرة الروشة).
- مينا شوران (رياضية).
- الكورنيش (ممارسات ترفيهية).
- الحديقة العامة الملحوظة في المخطط التوجيهي لوسط بيروت مع العلم أنها لم تنفذ بعد من قبل شركة سوليدير (تكملة الكورنيش)".
وعرضت عددا من التوصيات لإعادة تنظيم ساحل بيروت بشكل شامل ومتكامل تطبيقا للرؤية التي بلورها فريق العمل:
"أ. إعادة ترسيم الأملاك العامة البحرية (تطبيقا لقرار المفوض السامي الذي حدد الأملاك العامة في العام 1925 وأكد على ضرورة تواصل الشاطئ).
ب. فرض تراجع البناء على العقارات الخاصة عن الأملاك العامة البحرية مما أدى الى تحديد منطقة ساحلية غير قابلة للبناء على طول الساحل.
وخارج هذا التراجع، تقترح الدراسة:
ج. إخضاع عملية البناء لإجراءات وشروط واضحة يفرضها نظام تصنيف الأراضي المعمول به حاليا؛ فضلا عن وجوب تفعيل آلية المقايضة العقارية المنصوص عنها قانونا في منطقة الدالية تحديدا حيث بينت الدراسة ماهية وميزة هذه المنطقة وفرادتها وما تتيحه من فرص تصب مباشرة في تعزيز التنمية الاقتصادية والانسجام الاجتماعي وجاذبية المدينة؛
د. تجهيز طول الساحل بمنشآت عامة تستجيب لحاجات الناس وتسهل الولوج إليه والتمتع به.
ه. إلزام سوليدير إنشاء المتنزه العام فورا ودون أي مماطلة إضافية وفق ما نص عليه القانون منذ أكثر من عقدين.
و. توضيح استراتيجية لإزالة المخالفات والاعتداءات الحالية.
ز. تنفيذ خطط لتصريف المجاري بما يتوافق مع المقتضيات والمعايير البيئية والصحية.
ح. إلغاء الامتيازات والاستثناءات الحالية التي أدت إلى تشويه روحية نظام المنطقة العاشرة وعززت العشوائية والاستنسابية، والامتناع عن إصدار أي امتيازات واستثناءات إضافية في المستقبل".
تابت
ثم تحدث تابت، وقال: "انه لمن صلب مهام نقابة المهندسين العلمية والاجتماعية كما حددها قانون مزاولة مهنة الهندسة ان تواكب المبادرات المميزة التي تخص مهنة الهندسة والتي تساعد على تعزيز دورها البناء في حقول الانماء والاعمار والمجتمع.
لقد اكد المخطط التوجيهي الشامل لرتيب الاراضي اللبنانية SDAIL الذي أقر رسميا سنة 2009 ان حماية شاطئ بيروت ترتدي أهمية وطنية قصوى كما حدد هذا المخطط اولويات ثلاثا اعتبرها ذات قيمة مميزة ينبغي الحفاظ عليها مهما كان الثمن:
- كورنيش عين المريسة من فندق السان جورج حتى الحمام العسكري التي يمنع فيها البناء عملا بنظام المنطقة الارتفاقية التاسعة لمدينة بيروت.
- خليج الروشة والاراضي الصخرية المحيطة به التي ينبغي منع البناء عليها بشكل مطلق.
- الشواطئ الرملية في رملة البيضاء والجناح التي تعتبر من أهم المساحات الرملية القليلة المتبقية على طول الشاطيء اللبناني والتي ينبغي اعتماد اشد التدابير لحمايتها.
- وبعد ان اقترح مجلس بلدية بيروت وضع منطقة الرملة البيضاء من فندق السمرلاند عند حدود بيروت الجنوبية حتى فندق الموفنبيك تحت الدرس من اجل وضع مخطط تنظيمي متكامل لها، وافق المجلس الاعلى للتنظيم المدني على هذا الاقتراح في جلسته المنعقدة في الاول من آب/أغسطس 2018، طالبا من بلدية بيروت التوسع بحدود المنطقة حتى الحمام العسكري لتشمل كافة المنطقة الارتفاقية العاشرة لمدينة بيروت.
كما اكد المجلس الاعلى ان الاحكام التي سيعمل بها لوضع الدراسة ينبغي ان تكون اشد من الاحكام السارية المفعول في المنطقة.
ان مثل هذا التوجه يفترض ان يترتكز المخطط التنظيم الذي سيتم اعداده على اسس واضحة تنطلق على الاقل من اعادة تفعيل الانظمة التي كانت تسمح بحماية الشريط الساحلي للعاصمة خلال عقود من الزمن والتي تم الغاؤها تدريجيا منذ التسعينات من القرن الماضي.
كما ينبغي ان يترافق وضع مثال هذا المخطط التنظيمي باعتماد تدابير صارمة لازالة كل المخالفات على طول شواطئ العاصمة كي يتمكن سكان بيروت من استعادة علاقتهم بالبحر".
وختم بالقول: "تشكل الدراسة التي اعدها برنامج العدالة الاجتماعية والمدينة في مركز عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية في الجامعة الاميركية في بيروت مبادرة فريدة من شأنها ان تحدد بشكل واضح الاسس التي ينبغي ان يرتكز عليها المخطط التنظيمي الجديد لشؤاطئ العاصمة. ولا بد ان هذه الدراسة ستسمح باطلاق نقاش جدي يشترك فيه الخبراء بمختلف اختصاصاتهم والمسؤولون في بلدية بيروت بالاضافة الى المجتمع المدني بكافة مكوناته بغية بلورة تصور متكامل لتنظيم شواطئ بيروت يحافظ علي مكوناتها الاساسية ويؤمن الاستفادة منها لجميع سكان العاصمة".