تشريع الحشيشة في لبنان... إفلاس سياسي واقتصادي!
خاص Elissar News
أثار ما أبلغه رئيس مجلس النواب نبيه بري للسفيرة الاميركية في لبنان اليزابيت ريتشارد منذ أيام حول أن مجلس النواب اللبناني بصدد التحضير لدرس التشريعات اللازمة لتشريع زراعة الحشيشة (القنب) وإقرارها، وتصنيعها للاستعمالات الطبية على غرار العديد من الدول الاوروبية وبعض الولايات الاميركية، العديد من ردود فعل واسعة على مواقع التواصل الإجتماعي، وبين الجد والهزل، فقد أكد تقرير لصحيفة "الغارديان" أن تشريع الحشيشة قد يشكل نقلة نوعية للإقتصاد اللبناني!
تنبؤات اقتصادية وخيمة
ووفقا للتقرير فإن الحكومة اللبنانية ستقوم قريباً بدراسة مقترحات لإضفاء الشرعية على زراعة القنب للتصدير للأغراض الطبية، وهذه الخطة هي جزء من حزمة الإصلاحات المقترحة من قبل شركة ماكينزي وشركاه McKinsey & Company وهي شركة استشارية عالمية تم توظيفها للتوصل إلى خطة خمسية لإنقاذ الاقتصاد المتدهور.
وجاء قرار استشارة هذه الشركة في أعقاب تنبؤات متزايدة ووخيمة حول الوضع المالي في البلاد، فلبنان هو ثالث أكثر البلدان مديونية في العالم، حيث بلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 153 بالمئة، وأدت الحرب الأهلية في سوريا المجاورة إلى وضع أسوأ مع تراجع النمو الاقتصادي من 9 بالمئة قبل الصراع إلى حوالي 2 بالمئة حاليا.
ووفقا للمصدر عينه، تعتبر بلدة بريتال اللبنانية إحدى أهم القرى التي تزرع هذه النبتة وهي منطقة محظورة ومقفلة على الدولة اللبنانية، ولكن مع تطبيق الخطة الجديدة ستتحول هذه القرية والقرى الأخرى التي تزرع هذه النبتة إلى معمل شرعي للحشيشة للغايات الطبية قد تدر مليار دولار على الاقتصاد اللبناني.
دعم زراعة الأفوكادو... والحشيشة!
وأشار التقرير المكون من ألف صفحة الذي قدم من مستشاري شركة ماكينزي إلى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، إلى ضرورة دعم السياحة، وجعل لبنان مركزا رئيسيا للعمل المصرفي ودعم زراعة نوعين من المحاصيل الأفوكادو والقنب، إلا أن اقتراح إضفاء الشرعية على زراعة القنب هو الذي جذب أكبر قدر من الاهتمام، وقد تم إعطاء هذه الفكرة مزيدًا من الثقل عندما صادق رائد خوري، وزير الاقتصاد في حكومة "تصريف الأعمال" على الخطة قائلا في مقابلة مع موقع بلومبيرغ Bloomberg إن "نوعية القنب التي نمتلكها تعد واحدة من أفضل الأنواع في العالم" ، مضيفًا أن "هذه الصناعة قد تصل قيمتها إلى مليار دولار (760 مليون جنيه إسترليني) إلى لبنان".
وتعتبر مساهمة لبنان في هذه التجارة حوالي 5 بالمئة من الإنتاج العالمي، وتزرع في منطقة البقاع منذ زمن العثمانيين، وقد بلغت هذه التجارة ذروتها إبان الحرب الأهلية بين الأعوام 1975 و1990 حيث جرى تصدير أكثر من ألفي طن سنويا عبر مرافئ غير شرعية، وساهمت الحرب السورية التي اندلعت عام 2011 في ازدهار هذه الزراعة لدى مزارعي البقاع، الذين يقولون إن تجارتهم ازدهرت بنسبة 50 بالمئة منذ العام 2012، إذ يمكنهم التصدير عبر الحدود سرا، على الرغم من اعتبار هذه الزراعة من قبل الدولة اللبنانية جريمة جنائية تصل عقوبتها إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، وتتخذ في هذا المجال سياسات وإجراءات لمنع إنتاج وترويج الحشيشة على الأراضي اللبنانية.
وتتحكم مجموعة من العشائر القوية في البقاع في معظم إنتاج القنب في لبنان، وقد تراكمت ثرواتهم على مر السنين وجعلت منهم قوة لا يستهان بها، وهم مسلحين من الرأس حتى أخمص القدم ومستعدين لتحدي الشرطة والجيش عندما تكون مصادر رزقهم مهددة، إلا أنه من المستغرب أنهم ميالون للدعوات لإضفاء الصفة القانونية على إنتاجهم من القنب، وفقا لقاسم طليس، وهو أحد سكان بريتال الذي يعمل كممثل لعشائر البقاع القوية المعروفة بزراعة الحشيش، إلا أنه لا يقوم بزراعتها أو المتاجرة بها، وقال "إنها خطوة جادة نحو إصلاح الاقتصاد اللبناني"، مضيفا أن "الحكومة تهمل المنطقة منذ عقود، ما يترك الناس دون خيار سوى البحث عن عمل في تجارة هذا النوع من المخدرات"، ولكن من المؤكد أن المستفيد الأكبر هو مافيا هذه الزراعة على حساب المزارعين الفقراء.
مراكز أبحاث الحشيشة
في هذا المجال، فهناك عشرة مراكز بحثية في العالم تدرس الحشيشة الطبية، ستة منها في الولايات المتحدة، وبقيتها في كندا والمملكة المتحدة وأستراليا، وقد استحدث أول مركز لأبحاث الحشيشة في لبنان the Medicinal Cannabis Research Center وهو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي في الجامعة اللبنانية الأميركية The Lebanese American University أو LAU بهدف دراسة جودتها وأنواعها وآثارها الطبية المختلفة.
ووفقا للتقرير أيضا يحد الفساد المستشري في البلاد من فعالية أي من الإتجاهات الإصلاحية حيث يحتل لبنان المرتبة 143 عالمياً في مؤشر الشفافية العالمي حول الفساد Corruption Perceptions Index - Transparency International.
ويتابع التقرير أن النائب السابق وليد جنبلاط كان الأكثر دفاعاً عن قانون تشريع زراعة القنب في البرلمان اللبناني، موجها أسئلة حول ضرورة استقدام ماكينزي، وقال: "لن أقرأ هذا التقرير الهراء. اقترحت هذه الفكرة منذ زمن طويل، لم نكن بحاجة إلى دفع مليون دولار ونصف لتحقيق استنتاج مفاده أنه يمكننا إضفاء الشرعية على الحشيش"، وعلى الرغم من تحفظاته حول التقرير، ما زال يؤيد الفكرة، مضيفا:"من الممكن القيام بها، من الناحية النظرية. يمكن أن تكون إحدى عوامل التحسين والتطوير للمناطق المهملة في بعلبك والهرمل". ووفقا لـ "الغارديان" لم يأت أي رد من شركة ماكينزي على الموضوع!
وتسعى الأبحاث الطبية إلى دراسة استخدام الحشيشة في علاج الكثير من الأمراض مثل مرض السرطان وتخفيف الآلام الناتجة عن الأمراض المزمنة.