هل تتسبب فيروسات شائعة بمرض ألزهايمر؟
خاص: Elissar News: قسم الترجمة واللغات
أعادت دراسة جديدة الجدل المتواصل حول نظريات طال نقاشها، حول ما يسبب مرض ألزهايمر، وتحديدا حول أن سلالات من الفيروسات التي يكتسبها معظم الناس في مرحلة الطفولة، قد تلعب دورا في تطور مرض الزهايمر لاحقا في الحياة، إلا أن هذه الملاحظات لا تثبت أن الفيروسات تسبب الزهايمر، كما أنها لا تشير إلى أن هذا الفيروس معد.
فيروسات شائعة
وكشفت الأبحاث التي نشرت في 21 حزيران/يونيو 2018، في المجلة العلمية Neuron أن مستويات نوعين من فيروس الهربس البشري HHV-6A و HHV-7 كانت الضعف في أدمغة المرضى الذين ماتوا بمرض الزهايمر مقارنة مع أولئك الذين لم يكن لديهم هذا المرض.
ويصيب فيروس HHV-6 حوالي 100 بالمئة من البشر ، وفقا لمؤسسة HHV-6، وغالبا ما يعمل هذا الفيروس معHHV-7 ، ويمكن لهذه الفيروسات المعدية أن تسبب الحمى والطفح الجلدي الذي يطلق عليه الوردية roseola عند الأطفال الصغار والرضع، ويمكن أن تظل هذه الفيروسات وغيرها كامنة في الجسم وغير ضارة لسنوات.
لكن الفريق الذي يقوده باحثون في مستشفى ماونت سيناي هيلث سيستم Mount Sinai Health System في نيويورك، توصل الى أن مستويات عالية من فيروسات شائعة معينة تؤثر على سلوك جينات لها علاقة بالزهايمر، ومن الممكن أن تمهد النظرية الجديدة الطريق لفهم طريقة تطور هذا المرض وعلاجه باستهداف هذه الفيروسات الكامنة.
وقال أحد الباحثين الرئيسيين في الدراسة بن ريدهيد Ben Readhead "هذه الفيروسات شائعة جدا - الجميع تقريبا يتعرض لها"، وأضاف: "نريد أن نفهم لماذا يكون لدى بعض الناس مستويات أعلى من هذه الفيروسات في الدماغ، ما نراه في هذه الدراسة هو أن العوامل الوراثية التي تهيء شخصا لمرض الزهايمر، تميل إلى أن تكون هي نفسها الجينات التي تزيد من التعرض للإصابة بهذه الأمراض ".
وأكد ريدهيد "أن النتائج لا تشير بأي حال إلى أن مرض الزهايمر هو مرض معدٍ أو أن المصابين بمرض الزهايمر معديون بطريقة ما".
وتشير النظرية إلى أن إصابات في وقت مبكر من الحياة قد تهيئ الأوضاع لمرحلة تطور مرض الزهايمر في العقود المتأخرة في الحياة، وقد ظهر هذا في الاتجاه العام للطب على مدى سنوات عديدة. غير أن النظرية السائدة أصبحت أكثر تقبلا من المجتمع العلمي والطبي بأن الزهايمر ينتج عن إفرازات لزجة من بروتين بيتا أميلويد تعطل انتشار الرسائل العصبية في الدماغ، وذكرت دراسة أن بعض المتخصصين حتى ممن لم يؤيدوا صلة العدوى بالمرض، يعتبرون إنه حان الوقت لإجراء المزيد من الدراسات، ولاسيما وأن محاولات لمنع تراكم هذه الإفرازات لم تلق نجاحا حتى الآن.
بحث جيني
وأشار مقال موجه للإعلام من Mount Sinai Health System إلى أن "هذه هي أول دراسة تستخدم نهجا يعتمد على البيانات لدراسة تأثير الفيروسات على مرض الزهايمر وتحديد دور HHV-6A و HHV-7 في المرض. وهذا أيضا هو أول دليل على أن اندماج جينومات (المادة الوراثية) لفيروس HHV في جينومات دماغ الإنسان قد يلعب دورا في مسببات مرض الزهايمر. وقد تتسبب هذه الفيروسات بالتهاب الدماغ encephalitis وغيرها من الحالات المزمنة".
في البداية قام فريق البحث بإجراء تسلسل الحمض النووي الريبي RNA) ) في أربع مناطق دماغية في 622 عينة من أنسجة ما بعد الوفاة من أشخاص يعانون من الزهايمر أو أشخاص لا يعانون من ألزهايمر، لتحديد أي الجينات الموجودة في الدماغ، وما إذا كانت أي جينات مرتبطة ببداية وتطور مرض الزهايمر، ومن خلال مجموعة متنوعة من الأساليب الحسابية، كشف الفريق عن شبكة معقدة من علاقات وارتباطات غير متوقعة، بين فيروسات محددة مع جوانب مختلفة لبيولوجيا مرض ألزهايمر، وقد درسوا تأثير كل فيروس على جينات وبروتينات معينة في خلايا الدماغ، وحددوا الارتباط بين فيروسات محددة ولويحات أميلويد amyloid plaques، والتكتلات العصبية الليفية neurofibrillary tangles، وشدة مرض الخرف سريريا. ولتقييم النتائج التي توصلوا إليها، قام الفريق بتضمين أبحاث تم جمعها من قبل مايو كلينيك Mayo Clinic ومركز Rush Alzheimers Disease Center لـ 800 عينة أخرى من تسلسل الحمض النووي الريبي ، مع ملاحظة زيادة مستمرة لـ HHV-6A و HHV-7 في عينات من الأفراد المصابين بمرض ألزهايمر ، وبالتالي تكرار نتائج رئيسية توصلت إليها مجموعتين مستقلتين لأبحاث إحصائية موسعة وموزعة جغرافيا.
"هذه الدراسة تمثل تقدما كبيرا في فهمنا لمدى معقولية فرضية وجود عوامل مرضية مسببة لمرض الزهايمر" ، قال المؤلف الرئيسي الآخر للدراسة، الدكتور جويل دادلي Joel Dudley، مدير معهد الرعاية الصحية للجيل القادم Institute for Next Generation Healthcare في كلية الطب في إيكان Icahn School of Medicine في Mount Sinai Health System، وأضاف:"حدد عملنا علاقات وشبكات بيولوجية محددة تقدم فرضيات جديدة قابلة للاختبار، فيما يتعلق بدور الدفاع الميكروبي ووظيفة المناعة الذاتية في الفيزيولوجيا المرضية لمرض الزهايمر، وإذا اتضح أن أنواعا فيروسية محددة تساهم مباشرة في زيادة خطر إصابة الشخص بمرض الزهايمر أو معدل تقدمه بعد تشخيصه، فإن ذلك سيوفر إطارا لمفاهيم جديدة لفهم ظهور وتطور مرض الزهايمر عند الأفراد، وكذلك مستوياته لدى السكان".
خبراء وآراء
وقال أخصائي الزهايمر الدكتور رودولف تانزي Rudolph Tanzi من مستشفى ماساتشوستس المركزي "تتماشى هذه الدراسة مع الأدلة المتزايدة حول الكيفية التي يدافع بها نظام المناعة في المخ عن نفسه ضد الفيروسات قد تكون أكثر خطورة من العدوى الفعلية".
وقد أجرى تانزي مع زميله روبرت موار Robert Moir من جامعة هارفارد تجاربا نشرت في دورية Science Translational Medicine العلمية تظهر أن بيتا اميلويد اللزجة تمسك بالجراثيم الغازية عن طريق الإحاطة بها – وهذا هو السبب في أن هذه الأورام الخاصة بألزهايمر تبدأ في التكون في المقام الأول.
يقول تانزي الذي لم يشارك في البحث الجديد "يبقى السؤال كما هو، ما هي العوامل المرضية المتسببة في هذه التكوينات من الإفرازات في أدمغة المصاب بالزهايمر؟"
وخلص ريدهيد إلى أنه "إذا اتضح أن الفيروسات تلعب دورًا مسببًا في هذا المرض ، فإن هذا سيسمح لنا باستخدام استراتيجيات من مجالات علوم المناعة والفيروسات والأحياء الدقيقة لتصميم طرق وعلاجات جديدة لتشخيص مرض الزهايمر وربما الوقاية منه".