روبرت فيسك... جشع ونفاق اللبنانيين يدمر وطنهم وتراثهم!

مشاركة


خاص اليسار

خاص Elissar News

لم يكتب الصحافي البريطاني روبرت فيسك مقالة، بل مقالتين لصالح موقع "الإندبندنت" تناول فيه عما تعيث به بعض الأيادي بوطننا لبنان، وفي سردية متواصلة يصف في مقالته الأولى "جبال لبنان تمحى من الخارطة، هل من يهتم؟" Lebanon's mountains are being wiped from the map – but does anyone care? رحلته ملاحقا شاحنات تحمل ما تقضمه الكسارات والمقالع من مناطق متعددة من ميروبا وترشيش ومن جبال لبنان إلى بيروت والشمال، ولقائه بالعديد من الأشخاص، ولافتا إلى أنه لم يتناول الإعلام العالمي البيئة ومشاكلها في لبنان وتدمير جباله إلا قصة في صحيفة أميركية العام الماضي عن براز الكلاب في بيروت، ناسيا أو متناسيا، تصدر أزمة النفايات الكثير من عناوين المواقع والنشرات الإخبارية في كافة أنحاء العالم.

الجشع والنفاق!

وتناولت العديد من الوسائل الإعلامية اللبنانية والعالمية المقالة الأولى، وإن لم يتم حتى الآن أي رد فعل رسمي عليها، وإن تناولتها مواقف فضلا عن تغريدات على موقع تويتر، وعلى وسائل التواصل الإجتماعي، وفي المقالة الثانية بعنوان " للمرة الأولى في الشرق الأوسط، دولة عربية واحدة وحدها المسؤولة عن تدمير أرضها وتراثها" For once in the Middle East, a single Arab nation is solely responsible for the destruction of its land and heritage، وبعد أن يورد أمثلة عالمية على خيارات فاشلة في إدارة الدول لبعض الملفات ويسميه "الإنتحار الوطني"، يحاول فيسك تشريح الواقع اللبناني بعد الحرب، قائلا "هناك شيء مؤثر بشكل خاص حول حالة لبنان الصغير - مع تاريخه وقلاعه وطعامه الرائع وأنهاره وبحيراته وشعبه المثقف والموهوب وجباله- التي تضعه بقوة تحت مجهر السلوك النفسي المدمر" لافتا إلى أن "ما يزرعه الجشع والطمع والنفاق من ويلات، وصولا إلى تدمير اللبنانيين لأرضهم!".

يقول فيسك: "قد يلوم اللبنانيون الآخرين، بتسببهم بالحرب على أرضهم، ولكن تدمير الجبال والوديان اللبنانية، يقع على عاتقهم وحدهم، وهم المسؤولون، بسبب جشعهم ونفاقهم"، وأضاف "وقد ظهر فجأة أن أحد هذه من الجبال القليلة التي لا تزال غير ملوثة بالمقالع تقع في شمال البلاد حول العاقورة، فهناك الصخور الثمينة والغابات القديمة من أشجار العرعر، إلا أن هناك نية  أيضا لتمزيقها بالجرافات والشاحنات، وظن القرويون أنهم منعوا مثل هذه الخطط حتى تبين أن رئيس مجلس بلديتهم، منصور وهبي، قال في صحيفة (لوريان لو جور)، الصحيفة اللبنانية الناطقة باللغة الفرنسية، أنه ينوي تحويل جزء من الجبل إلى منطقة سياحية، عبارة عن بحيرة ومنطقة رياضية، علما أن الصخور المأخوذة من الأرض - أكثر من 1800 متر في الارتفاع - سيتم بيعها لصالح سد بلعه، وأن المتظاهرين كانوا  يقطرون سمهم على الفيس بوك"، وتابع فيسك بأن "المقلع توقف بعد احتجاجات، كما أن إنشاء بحيرة اصطناعية على هذا الإرتفاع، غير مجد، وأكد رئيس البلدية توقف هذا المشروع في الوقت الحالي لتتم دراسته بعمق! ".

وقال فيسك "هنا نعود مرة أخرى إلى المزيد من الدراسة، مزيدا من الاستفسارات، تحقيق أوسع. ولكن عندما يتم استهلاك كل لبنان من قبل تجار الحجر والرمل، فمن يحتاج إلى (دراسة) من فعل الانتحار الجماعي في البلاد؟"، وفي متابعة يورد فيسك موقفا لزعيم الدروز وليد جنبلاط ردا على مقالته السابقة: "ليست الجبال في لبنان بخطر فحسب، بل إن الشطئان مخصصة والمباني القديمة تهدم، وأنهر من النفايات تصب في البحر، لحسن الحظ فجبل حرمون بأمن بسبب الحرب"، وعلق فيسك، جبل حرمون الممتد عبر أراضي الجولان المحتلة، فتلك الحدود هي ملاذ للحياة البرية والطيور، فمن سينشئ مقلعا في حقل ألغام؟

السيد دولار!

ويتابع فيسك بموقف آخر حصل له في منطقة صور إبان الحرب اللبنانية، أن أحد المواطنين اقترب منه وتحدث معه وسأله ما هو برأيك مشكلة لبنان؟، وعندما تلعثم أجابه "مشكلة لبنان هي السيد دولار!، وعلق فيسك على هذا الأمر، "نعم ، أعتقد أنه كان على حق، ألم يكن هذا هو الموضوع الذي تناقش به ركاب الدرجة الأولى في سفينة التيتانيك قبل أن تصل سفينتهم إلى الجبل الجليدي؟، لكن الأمر أكثر من ذلك بكثير. فكثيرون في لبنان ينتظرون الفرصة، مستغلين الأصدقاء والجيران لتحقيق مكاسب خاصة، بينما يندمون على نتائج أعمالهم، لهذا السبب يتحسر كل من يشارك في تدمير لبنان على العواقب الكارثية لأفعاله".

ويستنتج فيسك أن "هناك اتفاق انتحاري في لبنان، هو أن الحكمة والأخلاق تستبدل بالأذى الذاتي للذات، عندما يفسد العقل الطريق وتصبح المشاعر الأساسية هي التعصب والغضب والمال، لقد كانت الحرب الأهلية اللبنانية صراعا طائفيا، فجرها إحباط سياسي وجشع لأراضي وممتلكات الآخرين، وأطلقنا عليها في البوسنة بعد بضع سنوات اسم التطهير العرقي، وبالتالي فإن تدمير لبنان ذاتيا اليوم هو من بعض النواحي استمرار هذا الصراع الرهيب بين عامي 1975 و1990 ، ولكن هذه المرة دون تدخل الأجانب. لهذا السبب فقط يمكن فقط لوم اللبنانيين على حماقتهم اليوم - واللبنانيون وحدهم يستطيعون منع المزيد من تدمير الذات".

وسواء كنا نوافق فيسك رأيه أم لا، فهل يستطيع اللبنانيون منع المزيد من تدمير الذات؟؟، وهل ما انتجته الإنتخابات النيابية الأخيرة قادرة على ردع الفساد المستشري في الإدارات وجوانب البلاد المختلفة؟







مقالات ذات صلة