للمرة الأولى... رصد ثقب أسود يلتهم نجما!
خاص Elissar News
عادة ما يدرس الفلكيان سيبو ماتيلا Seppo Mattilaوميغيل أنخل بيريز-توريس Miguel Angel Perez Torres "وفيات النجوم الطبيعية"، لكنهم لن يفوتوا الفرصة للتحقيق في جريمة قتل نجمية!
ويصف بحث جديد في مجلة "العلوم" Science كيف قاموا بالتوثيق بأدلة فوتوغرافية على أن ثقب أسود فائق الكتلة وأكبر من حجم شمسنا بعشرين مرة في مجرة قريبة نسبياً قد مزق واستهلك جزءًا من نجم حجمه ضعف حجم الشمس في ظاهرة تسمى "حدث تعطيل المد والجزر" TDE أو tidal disruption event ، وأظهرت الصور الثقب الأسود وهو يقذف نفاثات من المواد النجمية في هذه العملية.
لقد لاحظ العلماء هذه المشاهد الإجرامية الكونية من قبل ، لكن هذه كانت المرة الأولى التي تمكن فيها أي شخص من الحصول على صور مفصلة لهذه المواد وتغير في هيكليتها مع مرور الوقت.
مسرح الجريمة
في نهايات حياتها الطبيعية، تنفجر نجوم أكبر من شمسنا على شكل "نجوم سوبرنوفا"، ويعتمد علماء الفلك الذين يدرسون المستعرات النجمية العظيمة Supernova، مثل ماتيلا وبيريز توريس، على اصطياد هذه المشاهدات النارية النجمية عن طريق الصدفة، لكنهم يستطيعون جمع المعلومات لصالحهم من خلال مراقبة مجرات الانفجار النجمي، المليئة بالنجوم الشابة الضخمة التي يمكن أن تصل إلى سوبرنوفا في أي لحظة، على الرغم من أن مجرة نموذجية مثل مجرتنا درب التبانة قد تختبر فقط حالة واحدة من هذه الإنفجارات كل 50-100 سنة ، فإنه في مجرات نجمية منفجرة starburst galaxy فقد تحصل واحدة كل 3-4 سنوات.
"أحد أسباب دراسة هذه المجرات هو بالطبع أننا لم نكن نرغب في الانتظار لمائة عام" ، هذا ما قاله بيريز توريس من "معهد الأندلس للفيزياء الفلكية" Instituto de Astrofísica de Andalucía في غرناطة بإسبانيا، وأضاف "لن نعيش بما فيه الكفاية، لنشهد واحدة".
تتبع الأدلة
في واحدة من هذه المجرات النجمية، وجد العالمان مسرح الجريمة المروع - رغم أنهما لم يكونا معا، وفي كانون الأول/ يناير 2005، وجد عالم الفلك ماتيلا من جامعة توركو University of Turku في فنلندا وميضا لامعا للأشعة تحت الحمراء في مجموعة تصادم المجرات المسمىArp 299، على بعد حوالي 146 مليون سنة ضوئية، وكان مصدر الأشعة تحت الحمراء بالقرب من مركز إحدى المجرات، التي تحتوي على حلقة غبار سميكة حول ثقب أسود فائق. لم يكن متأكداً مما هو هذا الأمر لكنه أراد معرفة ذلك.
وفي وقت لاحق من ذلك العام ، وجد بيريز توريس مصدرا ساطعا للضوء اللاسلكي في نفس الموقع أثناء إجراء دراسة منفصلة عن المستعرات النجمية العظمىى. عندما عثر على واحدة من أوراق ماتيلا، أدرك أنهم يبحثون عن الأشياء نفسها، ولكن مع مجالات الخبرة التكميلية. تواصل معه، ووحدا جهودهما للتحقيق في مصدر هذا الانبعاث اللامع، وقادا فريقا من أكثر من ثلاثين من العلماء.
من خلال مراقبة هذه الظاهرة على مدار 10 أعوام، وجد الفريق أن مصدر البث الراديوي، الذي بدأ كزهرة ساطعة، امتد إلى هيكل يشبه المواد النفاثة، متحركًا بسرعة قريبة من سرعة الضوء. لم تشر هذه القرائن إلى سوبرنوفا، والذي قد ينبعث منها الضوء في كافة الاتجاهات، ولكن إلى TDE، والتي يمكن أن تنتج مواد نفاثة بسرعات مختلفة نسبيا.
يعتقد ماتيلا وبيريز توريس أنهما فازا بالجائزة الكبرى. فهذه الأحداث قد تكون أكثر ندرة من 100-1000 مرة من المستعرات الأعظمية Supernovae، والدراسات الاستقصائية للعثور عليها تحتاج عادة إلى مراقبة عدد كبير للغاية من المجرات لمجرد اكتشاف مجرة واحدة. وقالت ماتيلا: "ينبغي أن نشعر بأننا محظوظون للغاية لأن الطبيعة قد وفرت لنا بالفعل مثل هذا الحدث النادر الذي شهدناه".
حدث مميز
على الرغم من أن هذه لم تكن المرة الأولى التي يرى فيها الفلكيون المواد النفاثة من TDEs ، إلا أنها المرة الأولى التي يقتربوا فيها من الحصول على صور متعمقة ودراسة بنية المواد النفاثة نفسها. يمكن أن يكون هذا الحدث أول TDE يُرى في المجرة حيث يتغذى ثقبها الأسود الفائق من قرص المادة بالفعل؛ هذا الحدث يعتبر فريدا.
وأكد بريان ميتزجر، عالم الفيزياء الفلكية النظرية في جامعة كولومبيا، والذي لم يشارك في هذا البحث على أهمية الحدث: "هذا هو ما يميز هذا الحدث" ، "جزئياً أنه إلى حد كبير قريب للغاية، وجزئيًا أنه يظهر أن هذه التدفقات المزودة بنبضات متدرجة يمكن أن تحدث في نطاق بيئات مختلفة".
ويمكن أن تحدث "جرائم القتل النجمية" في أي مكان ، كما يتضح ، مثلما يحدث لدى الجنس البشري. مع هذا اللغز الإضافي، يقترب الفلكيون من فهم السلوك العنيف للثقوب السوداء.
رابط الدراسة:
http://science.sciencemag.org/content/early/2018/06/13/science.aao4669
رابط الفيديو: