ديدان عملاقة خطرة... تجتاح التربة الفرنسية!

مشاركة


البيئة تنوّع بيولوجي

خاص Elissar News: قسم الترجمة واللغات 

ظن الباحث الفرنسي جان لو جوستين JUSTINE Jean-Lou أن الأمر لا يتعدى مزحة سمجة يقوم بها مصور هاو، حيث أرسل إليه أحدهم صورا لديدان عملاقة ذات رأس كالمجرفة، وبمعدل صورة كل أسبوع، واعتقد أن المصور يزور مناطق في آسيا ويصور هذه المخلوقات، ويزعم أنها من التربة الفرنسية، ليفاجأ لاحقا بأن الصور الملتقطة من الأراضي الفرنسية، وأنها جزء صغير من الحقيقة الصادمة!

صور لأنواع متعددة

وقال الأستاذ في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في باريس جوستين "لا تنتمي الديدان المفلطحة ذات الرأس كالمجرفة والتي تنمو إلى طول يتجاوز القدم (30 سنتمترا) في حدائق الخضروات الأوروبية" وأضاف: "ليس لدينا هذا في فرنسا، فهذه الديدان المفترسة هي حيوانات متوطنة في آسيا، حيث تلتهم بسرور ديدان الأرض تحت أشعة الشمس الدافئة".

وأتبع البستاني الذي التقط الصورة الأولى، وهو عالم الطبيعة الهاوي واسمه بيير غروس Pierre Gros، بصورة ثانية إلى بربد جوستين الإلكتروني بعد أسبوع، وكانت من نوع مختلف تماما من الدودة العملاقة الأولى، عندما أرسل غروس صورة ثالثة، من نوع ثالث، اعتقد جوستين أن الصور يجب أن تكون مزحة: "الرجل يصور من أسفاره، ويتظاهر بأنه يجدها في حديقته!"

في المملكة المتحدة أيضا

لكن غروس لم يكن مخادعا ولا مهرب ديدان دولي، وتعاون مع جوستين لتأليف تقرير جديد نشر الثلاثاء في مجلة "بيرج" PeerJ العلمية، فقد عثرا على حيوانات مفترسة غريبة في التربة تحت أقدامهما. فمنذ عقدين من الزمن، تمكنت أنواع عدة من الدودة المسطحة من استيطان التربة الفرنسية.

قال عالم الحشرات آرشي مورشيه Archie Murchie من "معهد الأغذية الزراعية والعلوم البيولوجية" Agri-Food and Biosciences Institute في بريطانيا الذي لم يشارك في الدراسة: "هذه الأنواع خفية وتسكن التربة لذا يمكن ألّا نلحظها بسهولة، وهو ما يفسر شحنها بصورة غير مقصودة في كافة أنحاء العالم". وحذر من أن مثل هذه الديدان تنتشر وستستمر في الانتشار، خصوصا"مع زيادة التجارة العالمية".

وقد اكتشف علماء الأحياء أن الديدان الصغيرة التي تلتهم حيوان الحلزون، وصلت إلى فرنسا، لكن حتى وقت قريب ، لم يكن جوستين ، الخبير في الطفيليات والديدان المسماة بالديدان الخيطية، يعرف أن فرنسا كانت معرضة لغزو الديدان المفلطحة. وفي الواق، في دراسة أجريت منذ خمس سنوات ، كان قد نفى تواجدها إلا كآفات غريبة في البيوت البلاستيكية. لكنه عدل استنتاجاته، وقال: "كان ذلك خاطئا تماما".

111 مشاهدة

وقام جوستين وزملاؤه بإعلان عبر محطات الأخبار المحلية والتماسات على الإنترنت للحصول على صور لديدان كبيرة ذات رؤوس مفلطحة وامتلأ بريده الألكتروني الوارد بصور عدة من العلق ، اليرقات ، والرخويات واللافقاريات الأخرى، وتبين أن هناك مشاهدات تفوق 111 مرة لهذه الديدان خلال السنوات العشرين الأخيرة، أي منذ العام 1999 وحتى العام 2017، وقد أرسلت العديد من العينات المحفوظة وتمكن جوستين من التعرف على ثلاثة أنواع ومنها Bipalium kewense، والتي تم التعرف عليها سابقا في بريطانيا وبالتحديد في حدائق كيو Kew Gardens، حيث غزت المنطقة هناك، كما يعتقد جوستين أن هذه الديدان قد وصلت إلى جنوب فرنسا حيث الجو رطب صيفا ومعتدل شتاء.

وقال انه تم رصد الديدان المفلطحة في الاراضي الفرنسية ما وراء البحار بما في ذلك نوع من الديدان الزرقاء اللامعة التي ربما تكون نوعا تم اكتشافه حديثا.

ويشبهها جوستين بأسماك القرش ذات رأس المطرقة  كونها  تصطاد خلال التربة، وأجسامهم الملساء عبارة عن مصانع كيميائية، وهي تنتج كميات صغيرة من مادة سامة تسمى tetrodotoxin لشل حركة الفريسة، وما تفتقر إليه في الدفاعات، تستعيض عنه بمزيج من العصائر الجسدية المثيرة للاشمئزاز، وقد حاول أحد الزملاء مرة أن يضع دودة مسطحة في فمه، يروي جوستين. ولا يزال الرجل يصفها بأنها "واحدة من أسوأ تجارب حياته".

مفترسات خطرة

وتلحق معظم الديدان المفلطحة الضرر بالبشر بطريقة غير مباشرة، وقد درس مورشي الديدان المسطحة النيوزيلندية التي تلتهم ديدان الأرض في أيرلندا واسكتلندا، وهي نهمة تأكل الكثير منها، بحيث أثرت على غلة العشب الزراعي في المناطق المتأثرة فتناقصت بنسبة 6 بالمئة تقريبًا. كما غزت الديدان المفلطحة الصغيرة فلوريدا ، حيث تتغذى أيضا على ديدان الأرض.

"يمكن أن يكون للديدان المفلطحة تأثير كبير على حيوانات التربة الأخرى" ، كما يقول مورشي، ويؤكد أن "الباحثين على حق بالحذر حول التأثير المحتمل للديدان المفلطحة ذات رأس كالمجرفة."

أما في عيون جوستين فهذا الاكتشاف للديدان المفلطحة الغريبة ،  لم يكن حجم المفترسات أو مدة الغزو الخفي فحسب، ولكن أن يحدث كل ذلك دون معرفة أحد وقال: "إنها فرنسا! من المفترض أن نكون دولة متقدمة. لدينا الكثير من العلماء، لدينا جامعات في كل مكان. ومع ذلك ، تمكنت هذه الديدان من الإختفاء عنا دون أن نعرف عنها شيئا حتى الآن".

"هي هنا لتبقى"، كما أشار جوستين: "لدينا دليل علمي من علماء من المواطنين أنها تكتسح الحدائق سنة بعد سنة".

من غير الواضح كيف غيرت الديدان المسطحة التنوع البيولوجي الفرنسي، لم يدرس جوستين والباحثون الآخرون بيئة التربة، لكن هذه المخلوقات "مفترسات خطرة" للعديد من مخلوقات التربة المفيدة ، وهذا ما يثير قلق علماء الأحياء.

المصدر: PeerJ , The Washington Post

 







مقالات ذات صلة